شرح ما بعد الطبیعة

Ibn Rushd d. 595 AH
98

شرح ما بعد الطبیعة

شرح ما بعد الطبيعة

ژانرونه

فلسفه

قال ارسطو وقد يلحق هذه المسئلة مسئلة اخرى غامضة وهى هذه هل نقول ان الاعداد والاجرام والسطوح والخطوط والنقط جواهر ام لا نقول ذلك فانها ان لم تكن جواهر فقد تسقط عنا معرفة الهوية ما هى وما جواهر الهويات واما الحركات والالام وانواع المضاف والحالات والالفاظ فقد يظن انها لا تدل على جوهر شىء من الاشياء لان جميعها تقال على شىء موضوع وليس يقال شىء منها ان هذا الشىء فاما الشىء الذى يظن اكثر ذلك انه يدل على الجوهر فهو الماء والارض والهواء والنار التى منها قومت الاجسام المركبة واما الحرارات والبرودات التى فى هذه الاشياء وما اشبه ذلك فهى الام الجوهر واما الجسم فهو الذى يحصل هذه الالام وحده لانه هوية من الهويات وجوهر من الجواهر ولكن الجسم دون السطح فى الجوهرية والسطح دون الخط والخط دون النقطة والواحد وذلك ان الجسم يحد بهذه الاشياء ويظن ان هذه الاشياء يمكن ان تكون بغير جسم فاما الجسم فلا يمكن ان يكون من غير هذه ولذلك ظن الاكثرون والقدماء الفلاسفة ان الجوهر والهوية جسم وان سائر الاشياء الام لهذا الجسم ولذلك ظنوا ان اوائل الاجسام هى اوائل الهويات فاما الاخرون الذين ظنوا انهم اعلم من هولاء فقد ظنوا ان الجوهر والهوية من الاعداد فكما قلنا ان لم تكن هذه الاشياء التى ذكرنا جواهر فليس جوهر من الجواهر البتة ولا هوية من الهويات لانه ليس من الواجب ان تسمى الاعراض التى تعرض لهذه جواهر وهويات ولا كن اذا كان معروفا ان الاطوال والنقط التى للجسم اكثر جوهرية من الاجسام ولسنا نراها فمن اى الاجسام تكون الجواهر اذ لا يمكن ان تكون من الاجسام المحسوسة او خليق الا يكون جوهر البتة وايضا نرى ان هذه كلها اقسام الجسم فبعضها للعرض وبعضها للعمق وبعض للطول ومع هذا نقول ان هذه الاشياء تكون فى الاجرام مثل ما تكون الاشكال فيها فانه لا بد ان يكون للجرم شكل من الاشكال فان امكن الا يكون للجرم شكل امكن الا يكون له بعد من الابعاد كقولنا انه ان امكن الا يكون شكل عطارد فى صنم عطارد امكن الا يكون شكل نصف البردة فى جميع شكل البردة ناقص من الرومى ومع ما قلنا يعرض لاقاويل هولاء الخطأ اذا نحن فحصنا عن الاشياء التى يلزمها الكون والفساد لانهم يظنون ان الجوهر لم يكن اولا ثم كان او كان اولا ثم فسد وان الافات تلحقه عند الكون والفساد فاما النقط والخطوط والسطوح فلا يمكنها الكون ولا الفساد ولا ان تكون مرة ومرة لا تكون فان الاجرام اذا اتصلت وانفصلت فهى فى حد اتصالها تتوحد وفى حد انفصالها تصير اثنين وليس من شىء يتركب الا وهو يلزمه الفساد والاشياء التى تنقسم لم تكن من غير كون فاما النقطة ان كانت لا تنقسم فليست تصير نقطتان وان كانت تكون وتفسد فهى لا محالة من شىء ناقص من الرومى التفسير يقول ومن المسائل الغامضة التى يجب ان نفحص فى هذا العلم عنها هل الاعداد والاجسام والسطوح والخطوط والنقط جواهر الاشياء الموجودة اعنى التى يجاب فيها فى جواب ما هو الشىء كما قال قوم ام ليست جواهرها ثم قال فانه ان لم تكن هذه جواهر فقد تسقط عنا معرفة الهوية ما هى وما جواهر الهويات يريد فانه قد يظن انه ان لم تكن هذه ماهية جواهر الموجودات انه يذهب علينا معرفة طبيعة ما هى الموجودات القائمة بذاتها اعنى التى اتفق الناس على تسميتها جواهر ثم قال واما الحركات والالام وانواع المضاف والحالات والالفاظ فيظن انها لا تدل على جوهر شىء من الاشياء يريد وانما ظن بهذه انها جواهر لان ما عدى هذه مثل الحركات والاعراض والمضاف والحالات بين من امرها انها ليست تعرف جواهر الاشياء الموجودات اعنى المسماة جواهر ويريد بالالام الكيفيات المنسوبة للحواس مثل الحرارة والبرودة وبالحالات النوع من الكيف الذى يسمى حالا وملكة واما الالفاظ فيشبه ان يكون اراد بها المعقولات الثوانى ثم اتا بالسبب الذى من قبله اتفق على انها ليست جواهر فقال لان جميعها يقال على شىء موضوع وليس يقال شىء منها ان هذا الشىء يريد من قبل ان جميع هذه هى فى هذا الشىء المشار اليه الذى هو شخص الجوهر وليس يقال فى واحد منها انها هذا الشىء المشار اليه ثم قال فاما الشىء الذى يظن اكثر ذلك انه يدل على الجوهر فهو الماء والارض والهواء والنار التى منها تقومت الاجسام المركبة يريد فاما الشىء الذى يسبق الى الظن انه جوهر الموجودات المركبة المشار اليها فهى الاسطقسات الاربعة التى منها تركبت الجواهر المحسوسة يريد لا كن هذه يظهر من امرها انها جواهر المركبات التى تجرى مجرى الهيولى لا التى تجرى مجرى التى يجاب بها فى جواب ما هو ثم قال واما الجسم فهو الذى يحصل هذه الالام وحده لانه هوية من الهويات وجوهر من الجواهر يريد ان الجسم يحصل عند ما يرام حد طبيعة هذه الاعراض اى الذى يتنزل من حدودها مجرى الفصول التى تحصل طبيعة الموجود وتميزه من غيره ثم قال ولا كن الجسم دون السطح فى الجوهرية والسطح دون الخط والخط دون النقطة والواحد يريد ولا كن اذا قايست الجسم بالسطح وجدت الجسم دون السطح فى الجوهرية والسطح دون الخط والخط دون النقطة ثم اتا بالسبب في ذلك الاعتقاد فقال وذلك ان الجسم يحد بهذه الاشياء يريد توخذ في الحد اذ كان الجسم يحد انه المنقسم الى ثلثة سطوح او يحد بانه الذي يحيط به سطح او سطوح ثم قال ويظن ان هذه الاشياء يمكن ان تكون بغير جسم فاما الجسم فلا يمكن ان يكون من غير هذه يريد ومن قبل هذا ايضا ان هذه الاشياء يظن بها انها متقدمة بالطبع على الجسم يشير بذلك الى نوع التقدم الذى اذا وجد الاول لم يلزم ان يوجد الاخير واذا وجد الاخير لزم ان يوجد الاول او يريد ان الجسم لا يمكن ان يتصور دون السطح والسطح يمكن ان يتصور دون الجسم وكذلك الحال فى الخط مع السطح والنقطة مع الخط ولما اتا بالحجج التى تقنع فى ان الجسم هو الجوهر دون السطوح والخطوط قال ولذلك يظن الاكثرون من القدماء والفلاسفة ان الجوهر والهوية هو جسم وان سائر الاشياء لا تحد بحد الجسم ولذلك ظنوا ان اوائل الاجسام هى اوائل الهويات يريد ولاعتقادهم ان الجسم جوهر اعتقدوا ان اوائل الاجسام المركبة اعنى التى تركبت منها الاجسام هى الاجسام التى هى اوائل جميع الموجودات لانه اذا كانت الاجسام هى الاوائل فاوائل الاجسام هى اوائل الموجودات ثم قال فاما الاخرون الذين ظنوا انهم اعلم من هولاء فقد ظنوا ان الجوهر والهوية من الاعداد يريد فاما الذين ظنوا انهم اعلم من هولاء فانهم قالوا ان الجوهر بهذا الاعتبار يجب ان يكون الاعداد يريد لتقدمه فى التصور على سائر الموجودات ولتقدمه بالطبع ايضا ولكونه اشد تبريا من الهيولى من الجسم ثم قال فكما قلنا ان لم تكن هذه الاشياء التى ذكرنا جواهر فليس جوهر من الجواهر البتة ولا هوية من الهويات لانه ليس من الواجب ان تسمى الاعراض التى تعرض لهذه الاشياء جواهر وهويات يريد فيلزم بحسب هذا القول ان لم تكن هذه جواهر فقد يظن انه ليس يوجد جوهر من الجواهر البتة للموجودات لانه ليس يمكن ان تكون الامور المتاخرة عن هذه الجواهر وهى الاعراض جواهر لشىء من الامور المتفق عليها انها جواهر اعنى الجواهر المحسوسة ثم اخذ يتشكك على هذا القول فقال ولكن اذ كان معروفا ان الاطوال والنقط التى للجسم اكثر جوهرية من الاجسام ولسنا نراها فمن اى الاجسام تكون الجواهر اذ لا يمكن ان تكون من الاجسام المحسوسة يريد لا كن ان كان هذا الاعتبار يوجب ان السطح والخط والنقط جواهر وكان يظهر من امر هذه انها ليست جواهر وهى متقدمة على الاجسام التعاليمية فالاجسام التعاليمية ليست جواهر فمن اى الاشياء تكون جواهر الموجودات وذلك انه ليس يمكن ان تكون الاجسام المحسوسة لان هذه هى التى نطلب جواهرها عند قولنا فيها انها هوية وواحد لانا انما نطلب ما هو هذا الجوهر الذى يدل عليه لفظة موجود وواحد وليس هاهنا جسم الا التعاليمى والمحسوس ثم قال او خليق الا يكون جوهر البتة يريد او نقول على هذا الشك انه يلزم الا يوجد جوهر لشىء من الاشياء يريد انه اذا بطل ان تكون ماهيات الموجودات هى الاجسام فخليق ان يعتقد بحسب هذا انه ليس للموجودات ماهيات ولما كان ابطال كون الجسم التعليمى جوهرا ينبنى على ان الطول والعرض اعراض وانها فصول لهذا الجسم اخذ يذكر الحجج التى توجب ان الاطوال فصول للجسم التعليمى بمنزلة الاشكال فقال وايضا نرى ان هذه اقسام الجسم فبعضها للعرض وبعض للعمق وبعض للطول ومع هذا نقول ان هذه الاشياء تكون فى الاجرام مثل ما تكون الاشكال فيها يريد ومما يوضح ان الجسم التعليمى عرض هو ان الجسم يقوم حده من الابعاد الثلثة التى هى الطول والعرض والعمق ونرى مع هذا ان الاطوال هى فى الاجسام بمنزلة الاشكال اى فصول لها ثم اخذ يبين كون الابعاد بمنزلة الاشكال فقال فانه لا بد ان يكون للجرم شكل من الاشكال فان امكن الا يكون للجرم شكل امكن الا يكون له بعد من الابعاد يريد فان الشكل حاله من الجسم حال البعد فى انه لا يمكن ان يتعرى منه الجسم الا ويفسد الجسم كالحال فى فصل الشىء الجوهرى ثم اتا بمثال ذلك فقال كقولنا انه ان امكن الا يكون شكل عطارد فى صنم عطارد امكن الا يكون شكل نصف البردة فى جميع شكل البردة يريد فانه ان لم يكن الشكل جوهريا للجسم امكن ان يرتفع الشكل الخاص بالشىء ويبقى الشىء مثل ان تقول انه يمكن ان يرتفع شكل الانسان ويبقى انسانا او شكل صنم عطارد ويبقى صنم عطارد ولو امكن ان يرفع شكل الشىء الخاص بالشىء لامكن ان يرتفع نصف شكل الشىء عن الشىء ويبقى جميع الشكل وهذا هو الذى دل عليه بقوله امكن الا يكون شكل نصف البردة فى جميع شكل البردة وانما تمثل فى ذلك بالبردة لان البردة من الاشياء التى انما سميت بهذا الاسم وحدت بحسب شكلها فشكلها هو هو فصلها الذى يفصلها من سائر الملابس وكانه اراد ان يقرر من هذا الفصل انه متى انزلنا الابعاد اعراضا فان الجسم عرض ومتى انزلنا ان الجسم جوهر وجب ان تكون هذه جواهر وقوله ومع ما قلنا يعرض لاقاويل هولاء الخطأ اذا نحن فحصنا عن الاشياء التى يلزمها الكون والفاسد يريد ومع هذه الشناعات التى تلزم هذا الوضع اعنى كون الاجسام جواهر يعرض لهم شناعات من قبل ما يظهر فى الامور الكائنة الفاسدة ثم قال لانهم يظنون ان الجوهر لم يكن اولا ثم كان او كان اولا ثم فسد والافات تلحقه عند الكون والفساد يريد وذلك انه مما يظن ويوضع ويعترف به الجميع ان الجوهر يكون ويفسد وتلحقه الافات عند الكون والفساد اعنى انه اذا تكون حدث جوهر لم يكن واذا فسد فسد ما حدث ثم قال فاما النقط والخطوط والسطوح فلا يمكنها الكون ولا الفساد ولا ان تكون مرة ومرة لا يريد فاما النقط والخطوط والسطوح فليس تكون ولا تفسد ولا توجد مرة وتعدم مرة اذ كان لا يفسد الخط الى ما ليس بخط ولا يتكون مما ليس بخط وكذلك الامر فى الاجسام ثم اخذ يبين هذا المعنى فقال فان الاجرام اذا اتصلت وانفصلت فهى عند اتصالها تتوحد وفى حين انفصالها تصير اثنين وقوله وليس من شىء يتركب الا ويلزمه الفساد يريد وليس كل تركيب هو كون ولا كل انحلال هو فساد على ما يقوله بعض القدماء من ان الاجتماع هو الكون والافتراق هو الفساد بل الكائن هو الذى حدث له جوهر لم يكن والفاسد هو الذى فسد منه جوهر قد كان ثم قال والاشياء التى تنقسم لم تكن من غير كون يريد والاشياء التى تنقسم الى اجزاء موافقة بالاسم والحد فان هذه لا تكون من غير كون ولما اعترضه فى هذا المعنى امر النقطة وذلك انها لا تنقسم وليس لها كون وكان قال ايضا ان ما ينقسم الى مثل هذه بالحد والاسم دائما انه ليس له كون قال والاشياء التى لا تنقسم من الشىء المنقسم فانها لا تكون من غير كون يريد ان اصغر اجزاء الجسم المحسوس الذى لا ينقسم من حيث هو ذلك الجسم هو مركب مثال ذلك ان اصغر جزء من النار هو مركب من مادة وصورة ثم قال فاما النقطة ان كانت لا تنقسم فليس تصير نقطتان يريد واما النقطة فان كانت غير منقسمة فانه لا تكون اذ كانت النقطة لا تنقسم الى نقطتين فليس لها كون لانه ان كان لها كون فهى مركبة وهذا هو الذى دل عليه بقوله فهى لا محالة من شىء يريد وان كانت النقطة تكون وتفسد فهى لا محالة كائنة من شىء فتكون منقسمة وذلك مستحيل

[18] Textus/Commentum

مخ ۲۸۷