قال ارسطو التام يقال اما بنوع واحد فالذى لا يمكن ان يوجد له جزء ما البتة خارج منه مثل الزمن فان الزمن التام لكل شىء هو الذى لا يمكن ان يوجد خارجا منه زمن ما وهو جزء لهذا الزمن وكذلك ما كان له فضيلة وما يقال بنوع الجودة اذا لم يكن له شرف على الجنس مثل ما يقال طبيب تام وزامر تام اذا لم يكن بهما نقص ما عن نوع فضيلتهما الخاصية وبمثل هذا النوع يقال فى الاشياء الرذلة بانتقال القول فانا نقول كذاب تام وسارق تام لانا نسميهم باسم الجودة ايضا مثل ما نقول سارق مجيد وكذاب مجيد فكل واحد من جميع الاشياء التامة وجميع الجواهر حينئذ يقال تام اذا لم ينقص عن نوع فضيلته الخاصية جزء البتة من عظمه الطبيعى وايضا تقال تامة التى لها تمام فاضل فانها تامة بتمامها الذى هو لها فاذا التمام غاية ما من الغايات ننقله عن الاشياء الرذلة ويقال انه هلك هلاكا تاما وفسد فسادا تاما اذا لم ينقص شىء من الفساد بل هو فى غاية الشر ولذلك يقال للفناء بنوع انتقال الاسم تمام لان كليهما غايات فالتمام والذى بسببه يكون الشىء غايات والتى تقال تامة بذاتها فعلى هذه الانواع تقال منها على انها لا ينقصها شىء من الجودة ولا فيها شرف ايضا ولا يوجد شىء خارجا منه ومنها بنوع كلى على انه ليس فيها شرف فى كل واحد من الاجناس ولا خارجا منها شىء واما سائر الانواع فعلى هذه اما بانها تفعل شيئا ما مثل هذا واما بان لها او بانها تساوى او بانها تقال بنسبة ما اخرى تنسب الى الاشياء التى تقال تامة بنوع اول التفسير قوله التام يقال اما بنوع واحد فالذى لا يمكن ان يوجد له جزء ما البتة خارج منه يريد ان التام يقال على انواع كثيرة احدها الذى لا ينقصه جزء من اجزائه بل هو كل لان الكل هو الذى ليس يوجد جزء من اجزائه خارج عنه وما ليس بكل هو الذى يوجد شىء من اجزائه خارج عنه اى ينقصه ثم اتا بمثال من الاشياء التى يقال فيها انها تامة بهذا الوجه فقال مثل الزمن فان الزمن التام لكل شىء من الاشياء هو الذى لا يمكن ان يوجد خارجا منه زمن ما وهو جزء لهذا الزمن يريد مثل ازمان بقاء الموجودات الطبيعية وهى التى تسمى الاعمار فان العمر التام لموجود موجود هو الذى ليس يوجد خارجا عنه زمن ما هو جزء من ذلك الزمن وبهذا الوجه نقول فى العالم انه تام لانه ليس يوجد جزء منه خارج عنه وبهذا النوع نقول انسان تام اذا لم يوجد شىء من اعضائه خارج عنه اى لم ينقصه شىء من اعضائه وبهذه الجهة نقول فى الجسم انه تام لانه ليس يوجد بعد خارج عنه اعنى بعدا رابعا ونقول فى الخط والسطح انهما ناقصان وبالجملة فهذا هو التمام من قبل الكمية ولما ذكر التمام الذى من جهة الكمية ذكر ايضا الذى من جهة الكيفية فقال وكذلك ما كان له فضيلة وما يقال بنوع الجودة اذا لم يكن له شرف على الجنس مثل ما يقال طبيب تام وزامر تام اذا لم يكن بهما نقص ما عن نوع فضيلتهما الخاصة يريد ويقال التام ايضا فى باب الكيفية اذا لم ينقصه شىء من نوع فضيلته ولا كان ايضا يوجد فى جنسه ما هو اشرف منه مثل ما نقول طبيب تام وزامر تام فان الطبيب التام هو الذى ليس ينقصه شىء مما به يفعل فعل الطب ولا يوجد طبيب اتم فعلا منه ثم قال وبمثل هذا النوع نقول فى الاشياء الرذلة بانتقال القول فانا نقول كذاب تام وسارق تام يريد وبمثل هذا النوع يدل اسم التام فى الاشياء الرذلة وذلك على جهة النقلة والاستعارة وذلك فى التى فى الغاية من الرذيلة مثل ما نقول كذاب تام اذا كان فى الغاية من الكذب وسارق تام اذا كان فى الغاية من السرقة ثم احتج لنقلة اسم التام لهذا النوع من قبل انه قد ينقل اليه اسم الجودة اى اذا كان اسم الجودة ينقل الى هذا فاحرى ان ينقل اليه اسم التمام فقال لانا نسميهم باسم الجودة ايضا مثل ما نقول سارق مجيد وكذاب مجيد يريد وانما نقل اليهم اسم التمام لانه قد ينقل اليهم اسم الجودة على طريق الاستعارة واذا نقل اليهما اسم الجودة فاسم التمام احرى بذلك وهذا النوع من الاستعارة هو على طريق التخسيس مثل قوله تعلى ذق انك انت العزيز الكريم ولما ذكر هذين الجنسين من التمام قال فكل واحد من جميع الاشياء التامة وجميع الجواهر حينئذ يقال تام اذا لم ينقص عن نوع فضيلته الخاصية جزء البتة من عظمه الطبيعى يريد فجميع ما يقال عليه تام فى باب الجواهر انما يقال فيه انه تام اذا لم ينقصه شىء من فضيلته الخاصة به ولا جزء من اجزائه الطبيعية وذلك ان التمام للجواهر انما يكون من قبل التمام فى العظم والكيفية ثم ذكر نوعا اخر من التمام وهو الذى يقال على الغاية فقال وايضا تقال تامة التى لها تمام فاضل فانها تامة بتمامها الذى هو لها يريد وقد يقال تام على كل ما له غاية فاضلة فان هذه انما يقال لها تامة من اجل ان لها غاية تامة ثم قال فاذن التام غاية ما من الغايات ننقله عن الاشياء الرذلة ويقال انه هلك هلاكا تاما وفسد فسادا تاما اذا لم ينقص شىء من الفساد بل هو فى غاية الشر يريد ولما كان التمام غاية والغاية تامة استعمل على جهة نقلة الاسم فى الاشياء المفرطة الرداءة فانها فى النهاية بنقلته من الاشياء الغير الردية الى الردية فقيل هلك هلاكا تاما اذا بلغ الغاية فى الهلاك وفسد فسادا تاما اذا بلغ النهاية التى لا بعدها نهاية فى الفساد ثم قال ولذلك يقال للفناء بنوع انتقال الاسم تمام لان كليهما غايات يريد ومن هذا الوجه نسمى ايضا الفساد الذى هو ضد الكون بنوع الاستعارة تماما كما نسمى نهاية الكون تماما لان كليهما نهايات ثم قال فالتمام والذى بسببه يكون الشىء غايات يريد فالتمام للشىء والذى من اجله يكون الشىء كلاهما غاية ولذلك انطلق عليهما اسم التمام ثم قال والتى تقال تامة بذاتها فعلى هذه الانواع تقال منها على انها لا ينقصها شىء من الجودة ولا فيها شرف ايضا ولا يوجد شىء خارج منه يريد فالاشياء التى تقال تامة بذاتها هى التى لا ينقصها شىء من الجودة ولا فى الجنس شىء اشرف منها ولا يوجد فيها شىء به تشرف بل هى فى غاية الشرف بذاتها وانما قال هذا لان هذه هى التامة فى الكيفية والكمية اولا وبالذات ثم قال ومنها بنوع كلى على انه ليس فيها شرف فى كل واحد من الاجناس ولا خارج عنها شىء يريد وحدها بنوع كلى هى الاشياء التى ليس يوجد لها شىء به استحقت التمام لا فيها ولا من خارج وهذه هى حال المبدا الاول سبحانه ويحتمل ان يريد بقوله ولا خارج منها شىء اى لا ينقصها شىء مما هى به موجودة ويحتمل ان يريد بقوله على ان ليس فيها شرف فى كل واحد من الاجناس اى اذا لم ينقصها شرف مما يوجد فى كل واحد من الاجناس ثم قال واما سائر الانواع فعلى مثل هذه اما بانها تفعل شيئا ما مثل هذا واما بان لها او بانها تساوى او بانها تقال بنسبة ما اخرى تنسب الى الاشياء التى تقال تامة بنوع اول يريد واما سائر ما يقال عليه اسم التمام فانه انما يقال عليها اما لانها فاعلات للاشياء التامة بذاتها واولا واما لان فيها شيئا من هذه الاشياء التامة واما لان فيها شبها ما منها واما لانها تنسب اليها بنسبة من النسب
مخ ۶۲۷