قال ارسطو فليكن الاسم دليلا على شىء كما قلنا اولا وليكن اسما لشىء واحد فان كان ذلك كذلك فلا يمكن ان يدل اسم الانسان بانه انسان على لا انسان اذ كان اسم الانسان لا يدل على معنى واحد فقط بل قد يدل ايضا على شىء واحد فقولنا انه يدل على شىء واحد لا نعنى انه قد يحمل على شىء واحد لانه على هذا المثال إذا يدل اسم الملهى والابيض والانسان على شىء واحد فتصير هذه الاسماء اسما واحدا معا وانما تكون اسما واحدا للاشياء المتفقة فى الاسم والحد ولا يمكن ان يكون الشىء الواحد ولا يكون معا فى حال الا بنوع اشتراك الاسم كقولنا انه يمكن ان يكون يسمى غيرنا لا انسان الذى نسميه نحن الانسان الا ان الذى نفحص عنه الان ليس هو الفحص عن ان يكون اسم الانسان او لا يكون اسمه معا فى حال واحدة بل نفحص هل يمكن ان يكون الانسان والا يكون معا فى حال فان لم يكن ذلك كذلك وكان اسم واحد دليلا على انسان ولا انسان فمعلوم ان الاسم الدليل على الا انسان يدل على ان انسانا ويكون قول القائل ان انسانا دالا على الا انسان ويكون هذان القولان واحدا وانما تكون الاشياء الكثيرة واحدا اذا كان كلمتها وحدها واحدا مثل الثوب والقميص فان كان هذان القولان واحدا فقول القائل ان انسانا وقوله ان لا انسانا يدل على شىء واحد ولكن قد بينا ان هذه الاقاويل تدل على اشياء مختلفة فمضطر ان يكون كل ما يسمى انسانا بالحقيقة حيوانا ذا رجلين لان اسم الانسان يدل على هذا الشىء وان كان هذا مضطرا فلا يمكن ان يكون غير حيوان ذى رجلين التفسير لما بين ان هاهنا ولا بد اسما يدل على معنى واحد والا بطلت المناطقة قال فليكن الاسم دليلا على شىء ما يريد فلنضع ان الاسم يدل على شىء واحد من المسميات وليدل على ان الاسم هو اسم لشىء واحد ثم قال فان كان ذلك كذلك فلا يمكن ان يدل اسم الانسان بانه انسان على لا انسان يريد واذا وضع واضع ان الاسماء تدل على شىء واحد لم يمكنه ان يضع ان المتناقضات تدل اسماؤها على معنى واحد مثل ان يدل اسم الانسان ولا انسان على معنى واحد ثم قال فقولنا انه يدل على شىء واحد لا نعنى انه قد يحمل على شىء واحد يريد اذ كنا لا نعنى بقولنا الانسان يدل على شىء واحد انه يحمل على شىء واحد لان الاسماء التى تحمل على شىء واحد وهى المشتقة ليس تدل على معنى واحد مثل الابيض والملهى بل نعنى بالدلالة هاهنا دلالة الاسماء غير المشتقة وقوله لانه على هذا المثال اذا يدل اسم الملهى والابيض على شىء واحد يريد لانه لو اردنا بقولنا فى الانسان انه يدل على شىء واحد انه يحمل على شىء واحد لكان على هذا المثال ما يدل عليه اسم الابيض واسم الملهى معنى واحدا لانهما يحملان على معنى واحد فيصير ما تدل عليه هذه الاسماء معنى واحدا وهذا هو الذى اراد بقوله فتصير هذه الاسماء اسما واحدا معا˹ ثم قال وانما تكون اسما واحدا للاشياء المتفقة بالاسم والحد يريد وانما تكون اسما واحدا للاشياء الكثيرة اذا كانت تلك الاشياء متفقة فى الاسم والحد وهذه هى التى تسمى المتواطئة ثم قال ولا يمكن ان يكون الشىء الواحد ولا يكون معا فى حال الا بنوع اشتراك الاسم كقولنا انه يمكن ان يكون يسمى غيرنا لا انسانا الذى نسميه نحن الانسان يريد ولا يصدق قولنا ان الشىء موجود وغير موجود معا الا ان يكون يسمى غيرنا الموجود ما ليس بموجود وما ليس بموجود موجود فيكون ما ليس بموجود والموجود اسمان مشتركان احدهما يستعمل عند قوم دليلا على السلب وعند قوم على الايجاب الا ان كل امة جعلت للايجاب لفظا خاصا وللسلب لفظا خاصا فليس يمكن ان يدل اللفظان عندهم على شىء واحد واما ان عرض لهم مثل ما عرض فى لسان العرب ان يكون اسم السلب والايجاب عندهم مشتركا فقد يمكن ان يجتمع اللفظان لا كن على معنى واحد لا على المعنيين المتقابلين فاما ان الاشتراك يوجد فى هذا فى لسان العرب فبين فى قوله ما منعك ألا تسجد يريد ان تسجد وفى قوله تعالى يبين الله لكم أن تضلوا يريد الا تضلوا فهذا سلب اريد به الايجاب وايجاب اريد به السلب ولما كان هذا الفحص لغويا قال الا ان الذى نفحص عنه الان ليس هو الفحص عن ان يكون اسم الانسان او لا يكون اسمه معا فى حال واحدة بل نفحص هل يمكن ان يكون الانسان والا يكون معا فى حال يريد الا ان هذا الفحص ليس هو الذى قصدنا اعنى هل يمكن ان يكون اسم الايجاب والسلب عند امة ما اسما واحدا وانما الذى قصدنا اليه هل يمكن ان يكون معنى السلب والايجاب معنى واحدا حتى يكون ما يفهم من الانسان وعدمه معنى واحدا وان كان ذلك كذلك دل عليه اسم واحد ضرورة فكان قولنا انسان ولا انسان من الاسماء المترادفة وكان حد قولنا انسان ولا انسان حدا واحدا واسما واحدا وهذا هو الذى اراد بقوله فان لم يكن ذلك كذلك وكان اسم واحد دليلا على انسان ولا انسان فمعلوم ان الاسم الدليل على لا انسان يدل على ان انسانا ويكون قول القائل ان انسانا دليلا على لا انسان ويكون هذان القولان واحدا يريد فان لم يكن دليل قولنا انسان دليل قولنا لا انسان لا باشتراك الاسم بل كانت قوتهما قوة اسم واحد كالحال فى الاسماء المترادفة فمعلوم ان اسم لا انسان وانسان يدل على معنى واحد ثم اخذ يذكر متى يعرض هذا فى الاسماء اعنى ان تكون الاسماء المختلفة تدل على معنى واحد بعينه فقال وانما تكون الاسماء الكثيرة واحدا اذا كان كلمتها وحدها واحدا مثل الثوب والقميص يريد وانما تكون الاسماء الكثيرة تدل على معنى واحد اذا كانت الاشياء التى يدل عليها بالاسماء الكثيرة واحدة بالحد مثل الثوب والقميص فان حدها واحد وان لم يكن الاسم واحدا ثم قال فان كان هذان القولان واحدا فقول القائل ان انسانا وقوله لا انسان يدلان على معنى واحد يريد فان كان حد الانسان ولا انسان معنى واحدا فدلالة قولنا انسان ولا انسان تكون دلالة واحدة ويكون اسمان مترادفان يدلان على معنى واحد ثم قال ولا كن قد بينا ان هذه الاقاويل تدل على اشياء مختلفة يريد ولا كن قد بينا ان الحد الذى يدل عليه الانسان غير الحد الذى يدل عليه لا انسان بما قلناه من انه لو كان الحد واحدا لبطلت المناطقة ثم قال فمضطر ان يكون كل ما يسمى انسان بالحقيقة حيوانا ذا رجلين لان اسم الانسان يدل على هذا الشىء وان كان هذا مضطرا فلا يمكن ان يكون الانسان غير الحيوان ذى الرجلين يريد واذا كان الحد الذى يدل عليه احدهما غير الحد الذى يدل عليه الاخر فواجب ان يكون اسم الانسان الحقيقى يدل ابدا على حيوان ذى رجلين الذى هو حده ولا يدل فى وقت من الاوقات على غير الحى المشاء ذى الرجلين
[12] Textus/Commentum
مخ ۳۶۶