113

شرح ما بعد الطبیعة

شرح ما بعد الطبيعة

ژانرونه

فلسفه

قال ارسطو ولا كن ينبغى لنا ان نميز اولا انه لا يمكن ان يكون شىء واحد فى شيئين معا بكل جهة وسائر الاشياء التى تشبه هذه فتكون مميزة لحاجتنا اليها فى المسائل المنطقية الصعبة فهذا هو الاول الاثبت من جميع الاوائل فان فيه التمييز الذى قد قيل لانه لا يقدر احد من الناس ان يظن ان الاثبات والنفى شىء واحد مثل ما ظن بعض الناس ان ابروقليطس يقول بهذا القول لانه ليس بمضطر ان يكون ما قال قائل يظن به انه هو الحق باضطرار فانه ان امكن ذلك امكن ان تكون الاضداد فى شىء واحد ولذلك ينبغى لنا ان نميز اولا فى هذه المقدمة ايضا ما لنا عادة ان نميزه فانه ان كانت الانطيفاسيس التى هى النقيض يقابل بعضها بعضا فمعلوم انه لا يمكن احد ان يظن ان الاثبات والنفى معا لانه يلزم الذى يخطى هذا الخطا ان يرى ان الضدية معا ولذلك جميع الذين يستعملون البرهان ينتهون الى هذا الراى الاقصى لان هذا الراى يتقدم سائر جميع الآراء العامية المشتركة بالطباع فمن الناس كما قلنا من يزعم انه يمكن ان يظن ان الاثبات والنفى معا هو شىء واحد على ما وصفنا ويقول بهذا القول كثير من الطبيعيين فاما نحن فقد قلنا انه لا يمكن ان يكون الاثبات والنفى معا ولذلك بينا ان هذا الاول اثبت من جميع الاوائل ومن الناس من يروم ان يوضح هذا الاول ببرهان بجهله وقلة ادبه فانه من الجهل وقلة الادب ان لا يعلم احد لاى الاشياء ينبغى لنا ان نطلب البرهان ولايها لا ينبغى لنا ان نطلب البرهان فانه لا يمكن ان يكون برهان لجميع الاشياء بقول كلى لانه ان امكن ذلك صارت الاشياء بلا نهاية ولا يكون على هذا النحو برهان ايضا واما ان كان من الاشياء ما لا ينبغى لنا ان نطلب برهانه ولا يقدر احد ان يقول ان اولا اخر مثل هذا الاول الا انه اقدم منه فى الاولية ويمكن ان يأخذ احد برهانا على نحو الغلط ان هذا الشىء مما لا يمكن ان كان يقول شيئا الذى يسئل فى هذا واما ان كان لا يقول شيئا فأهل ان يضحك ممن يلتمس قولا من الذى ليس عنده قول لشىء من الاشياء لان من كان على هذه الصفة يشبه النبات بهذه الحال التى هو عليها وان زعم ان بين البرهان الذى يكون بنحو الغلط وبين البرهان المرسل فصلا لان الذى ياتى بالبرهان ان ظن انه ياتى به من اول معروف وكان علة ذلك الاول شيئا اخر كان ذلك غلطا ولم يكن برهانا فاول جميع هذه الاشياء الاقرار بان القول اما ان يثبت شيئا واما ان ينفى شيئا التفسير انه لما وصف الاول الذى هو اعرف من كل شىء بالاوصاف التى تخصه بما هو اول فى المعرفة اخذ يعرف اى هو هذا الاول الذى تنطبق عليه تلك الصفات فقال ولا كن ينبغى ان نميز اولا انه لا يمكن ان يكون شىء واحد فى شيئين معا بكل جهة وسائر الاشياء التى تشبه هذه فتكون مميزة لحاجتنا اليها يريد واذ قد تقرر ان صاحب هذا العلم ينظر فى اوائل المعرفة من طريق انه يجب عليه اولا ان بعددها على انها معروفة بانفسها فاول شىء ينبغى للناظر فى ذلك ان يميز الاول الذى لا يمكن لانسان ان ينظر دون ان يعترف به القائل انه لا يمكن ان يوجد شيئان متقابلان معا فى زمن واحد من كل جهة وانما شرط من كل جهة لانه يمكن ان يوجد شيئان متقابلان معا فى شىء واحد من جهتين مثل البنوة والابوة والكبير والصغير فانه قد يمكن ان يكون شىء واحد بعينه كبيرا وصغيرا بالاضافة الى شيئين وقوله وسائر الاشياء التى تشبه هذه يريد وسائر الاوائل التى تشبه فى المعرفة هذا الاول مثل ان الالفاظ لها دلالات محدودة وان الحدود هى امور ضرورية ثم قال فهذا هو الاول الذى هو اثبت من جميع الاوائل فان فيه التميز الذى قد قيل يريد والقول بان المتقابلين لا يجتمعان معا فى شىء واحد من جهة واحدة هو الاول الذى هو اعرف من سائر الاوائل فان هذا هو الذى تنطبق عليه الاوصاف التى بان انها اوصاف الاول اعنى من كونه اوضح من كل مقدمة وانه لا ينخدع فيه احد وان كل ما يبين فانما يتبين بهذه المقدمة لان كل برهان انما يكون برهانا بتسلم هذه المقدمة ثم قال لانه لا يقدر احد من الناس ان يظن ان الاثبات والنفى شىء واحد مثل ما ظن بعض الناس ان ابروقليطس يقول بهذا القول يريد وانما قلنا ان هذا الاول هو الاول الذى وصفناه لانه لا يمكن احدا ان ينخدع فى هذا الاول اعنى فى ان النفى والاثبات هما شىء واحد بعينه مثل ما حكى عن ابروقليطس انه كان يرى هذا الراى ثم قال لانه ليس بمضطر ان يكون ما قال قائل يظن به انه الحق يريد وليس ما يقوله هذا الرجل حقا ولا واجبا ان يكون لانه ليس كل من يرى رايا فى شىء ما او يظن به ظنا يجب ان يكون ما ظن حقا حتى يكون الناس يصدقون فى المتناقضين بالمتناقضين معا ثم قال فانه ان امكن ذلك امكن ان تكون الاضداد فى شىء واحد وهذا الذى قاله بين فانه ان كان اذا اعتقد انسان فى شىء ما انه موجب واعتقد اخر انه منفى وكان كلى الاعتقادين صادقا وجد الايجاب والنفى معا فى شىء واحد بعينه ثم قال ولذلك ينبغى لنا ان نميز اولا فى هذه المقدمة ما جرت لنا العادة ان نميزه فانه ان كان الانطيفاسيس التى هى النقيضان يقابل بعضها بعضا فمعلوم انه لا يمكن احدا ان يظن ان النفى والاثبات معا يريد ولذلك ما ينبغى لنا ان نقول فى نصرة هذه المقدمة القائلة ان الاثبات والنفى لا يجتمعان معا على ما جرت عادتنا ان نقول فى نصرتها مع هؤلاء القوم الذين لا يعترفون بها اذ كان من المعلوم بنفسه ان النفى والاثبات لا يمكن ان يجتمعا فى شىء واحد معا ثم قال لانه يلزم الذى يخطى هذا الخطأ ان يرى ان الضدين معا يريد واول ما يلزم من يخطى هذا الخطا ان يعتقد ان الضدين يوجدان معا فى شىء واحد بالفعل فيكون الشىء حارا باردا معا ومعدوما وموجودا وذلك مستحيل ثم قال ولذلك جميع الذين يستعملون البرهان ينتهون الى هذا الراى الاقصى لان هذا الراى يتقدم سائر جميع الاراء المشتركة بالطباع يريد ويشهد لصحة هذا الاعتقاد ان كل من يستعمل البرهان وبالجملة القياس فلا بد ان يضع هذا الراى اعنى ان النقيضين لا يجتمعان والا لم يمكن ان يكون برهان على شىء ولا قياس ولذلك كان هذا الراى مقدما على سائر الاراء وكان هذا الراى هو الراى المشترك بالطبع للجميع فانه لا تصح مقاولة ولا مناظرة الا به ثم قال ومن الناس كما قلنا من زعم انه يمكن ان يظن ان الاثبات والنفى معا هو شىء واحد على ما وصفنا يريد ولا كن كما قلنا من الناس من ظن ان الاثبات والنفى يدلان على معنى واحد ولهذا بينا ان هذا الاول هو اثبت من جميع الاوائل يريد انه لو لا انكار بعض الناس لهذا المبدا لما تكلم فيه لا كن لما كان مبطل هذا المبدا مبطلا لجميع الحكمة فقد ينبغى ان يعتنى بنصرته وتعريف ما يلحق هذا الراى من الاستحالات الشنيعة ولما كان هذا الراى ليس يبرهن عليه وانما يستعمل فى نصرته الاقاويل التى فى الغاية من الشهرة والصدق التى لا يمكن احدا الا ان يعترف بها وكان بعض الناس يغلطون ايضا فى هذا المعنى فيظنون انه قد يبرهن عليه قال ومن الناس من يروم ان يوضح هذا الاول ببرهان بجهله وقلة ادبه فانه من الجهل وقلة الادب الا يعلم احد لاى الاشياء ينبغى لنا ان نطلب البرهان ولايها لا ينبغى لنا ان نطلب البرهان يريد ومن الناس من يعتقد انه يمكن ان تبرهن المقدمة القائلة ان النقيضين لا يجتمعان وذلك لقلة تادبه بعلم المنطق وجهله بالفرق بين الاشياء التى تحتاج الى برهان وبين الاشياء التى لا تحتاج الى برهان ثم قال فانه لا يمكن ان يكون برهان لجميع الاشياء بقول كلى لانه ان امكن ذلك صارت الاشياء بلا نهاية ولا يكون على هذا النحو برهان ايضا يريد وانما قلنا انه لا يمكن ان يبرهن هذا المبدا لانه اذا برهن هذا المبدا الذى هو اعرف المبادى وجب ان يكون لجميع الاشياء بقول عام برهان وان كان لاوائل البرهان برهن وكان كل برهان انما يبين من اوائل وجب ان يكون لكل برهان برهن ويمر ذلك الى غير نهاية وان كان الامر كذلك لم يكن هنالك برهن اصلا وهو الذى دل عليه بقوله ولا يكون على هذا النحو برهان اى على المرور الى غير نهاية ثم قال واما ان كان من الاشياء ما لا ينبغى لنا ان نطلب برهانه ولا يقدر احد ان يقول ان اولا اخر مثل هذا الاول الا انه اقدم منه فى الاولية ويمكن ان ياخذ احد برهانا على نحو الغلط ان هذا الشىء مما لا يمكن ان كان يقول شيئا الذى يسئل فى هذا يريد واما ان انزلنا ان من الاشياء ما يمكن ان يقوم عليه برهن ومنها ما ليس يمكن ان يقوم عليه برهان فليس يمكن احدا ان يقيم على صحة هذا المبدا برهانا الا ان يكون برهانا على نحو الغلط ان كان الذى يسئل فى هذا يقول شيئا اى يقول شيئا مفهوما وانما قال ذلك لان من يقول شيئا مفهوما فقد وضع هذا الاصل اعنى ان المتقابلين لا يجتمعان ثم قال وان زعم ان بين البرهان الذى يكون بنحو الغلط وبين البرهان المرسل فصلا لان الذى ياتى بالبرهان ان ظن انه ياتى به من اول معروف وكان علة ذلك الاول شيئا اخر كان ذلك غلطا ولم يكن برهانا انما قال هذا لان الذى لا يعترف بهذا الاصل لا يقدر ان ياتى برهانا صحيحا ولا على جهة الغلط لان الذى يقيم برهانا غالطا انما ياخذ فيه على انه علة ما ليس بعلة فلذلك لا يصح لمنكر هذا الاصل ان يكون منه برهان ولا على جهة الغلط واذا كان ذلك كذلك فليس بين البرهانين ما ينفصل به احدهما عن الاخر حتى يزعم زاعم انه يمكن ان يقام برهن على هذا الاصل على جهة الغلط لانه اذا صدق المتقابلان لم يكن هنالك غلط اصلا

مخ ۳۵۳