قال ارسطو وينبغى لنا ان نطلب هل لعلم واحد النظر فى الامور العامية التى تستعملها العلوم التعليمية والنظر فى الجوهر ام علم الاراء هو غير علم الجوهر فمعلوم ان النظر فى هذه الاشياء لعلم واحد وهو علم الفيلسوف لان هذه الاشياء لجميع الهويات وليس هى لجنس واحد خاصة له من دون غيره من سائر الاجناس وجميع العلوم تستعمل هذه لانها للهوية على كنهها وجنس كل واحد من هذه الاشياء هى الهوية والعلوم قد تستعمل هذه الاشياء على المقدار الذى تكتفى به وهذا المقدار هو على نحو الاشياء التى يجمعها الجنس الذى يريدون ان ياتوا ببرهانه فمعلوم ان هذه الآراء العامية هى لجميع العلوم على كنهها وتشارك الهوية لهذا الشىء اعنى ان الذى يعرف الهوية على كنهها فقد يعرف هذه الاشياء ايضا لان معرفتها واحدة ولذلك لا يروم احد ممن ينظر فى الاشياء الجزئية ان يقول فيها شيئا من الاقاويل لا على الحقيقة ولا على غير الحقيقة لا من اصحاب المساحة ولا من اصحاب العدد بل قال فى هذا المعنى بعض الطبيعيين اقاويل لان هؤلاء وحدهم ظنوا انهم يفحصون عن معرفة كلية الطباع والهوية ولا كن اذا كان علم من العلوم ارفع من علم الطبيعيين لان الطباع جنس واحد من اجناس الهوية لذلك ينبغى ان يكون النظر فى هذه الاشياء للذين يفحصون عن معرفة الكل وعن الجوهر الاول فان العلم الطبيعى واحد من اصناف العلوم الا انه ليس بالعلم المتقدم الاول التفسير انه لما بين ان هذا العلم هو الناظر فى الموجود بما هو موجود وفى جميع الاشياء التى تنسب الى الموجود يريد ان يبحث ايضا هل هذا العلم هو الذى له النظر فى المقدمات العامة الاول التى هى مبدا كل برهان وان كان هذا العلم هو الذى ينظر فيها فباى نوع من انواع النظر ينظر فيها وباى مقدمات وهى احدى المسائل التى فحص عنها فى المقالة التى قبل هذه على جهة الجدل فقوله وينبغى لنا ان نطلب هل لعلم واحد النظر فى الامور العامية التى تستعملها العلوم التعليمية والنظر فى الجوهر ام علم الاراء هو غير علم الجوهر يريد وقد ينبغى لصاحب هذا العلم ان يفحص هل لعلم واحد النظر فى اوائل التصديق العامية لجميع العلوم النظرية والنظر فى الجوهر فيكون هذا العلم هو الناظر فى ذلك كما هو الناظر فى الجوهر ام العلم الذى ينظر فى اوائل المعرفة العامة هو غير العلم الذى ينظر فى اوائل الجوهر ثم قال فمعلوم ان النظر فى هذه الاشياء لعلم واحد وهو علم الفيلسوف لان هذه الاشياء لجميع الهويات وليست لجنس واحد خاصة له من دون غيره من سائر الاجناس يريد فنقول انه من المعلوم مما اقوله ان النظر فى هذه الاوائل هو لعلم واحد وهو هذا العلم الذى هو علم الفيلسوف لان هذه الاوائل مشتركة لجميع اجناس الهويات التى تنظر فيها الصنائع النظرية وما كان مشتركا لجميع الاجناس الموجودة فهو من لواحق الموجود بما هو موجود وكل ما هو من لواحق الموجود بذاته فالنظر فيه للناظر فى الموجود باطلاق وهو الفيلسوف ولما كان كل علم انما يستعمل ما يخصه وكان قد قال ان جميع العلوم تستعمل هذه اخذ يعرف الجهة التى منها يمكن ان تستعمل العلوم الخاصية هذه الاوائل العامية فقال وجميع العلوم تستعمل هذه لانها للهوية على كنهها وجنس كل واحد من هذه الاجناس هو الهوية يريد والعلوم الجزئية تستعمل هذه الاوائل لانها موجودة للموجود بما هو موجود الذى هو جنس لجميعها ولما كان هذا الجواب غير تام لان لقائل ان يقول وكيف نستعمل العلوم الجزئية ما يوجد لجنسها لانه لو كان ما هو ذاتى للجنس العام ذاتيا لها لكانت العلوم كلها انواعا لعلم واحد اخذ يبين تلك الجهة وهى التى بينها فى كتاب البرهان فقال والعلوم قد تستعمل هذه الاشياء على المقدار الذى تكتفى به وهذا المقدار هو على نحو الاشياء التى يجمعها الجنس الذى يريدون ان ياتوا ببرهانه يريد والعلوم الجزئية انما يستعمل واحد واحد منها هذه الاوائل العامية لا بما هى عامية لا كن بالقدر الذى يكتفى به فى ذلك العلم وهذا القدر هو ان يأخذها بالجهة التى تخص ذلك الجنس يعنى انه يدنيها من الموضوع الخاص الذى فيه تنظر تلك الصناعة كما قال ذلك فى كتاب البرهان فياخذ مثلا المهندس بدل قولنا الموجبة والسالبة لا تجتمعان النوع من انواعها الذى يخص موضوعه مثلا وهو المشارك والمباين لا يجتمعان وكذلك المساوى والغير مساوى لان هذه كلها داخلة تحت الموجبة والسالبة لا دخول الانواع تحت جنس واحد لكن دخول الخاص تحت العام من جهة الزيادة والنقصان وهذا كله قد تبين فى كتاب البرهان ثم قال فمعلوم ان هذه الآراء العامية هى لجميع العلوم على كنهها يريد وان كان كل علم انما ينظر فى هذه الاوائل بجهة خاصة فبين ان الذى يستعملها بذاتها وعلى كنهها هو العلم العام لجميع العلوم وهو هذا العلم ثم قال وتشارك الهوية بهذا الشىء اعنى ان الذى يعرف الهوية على كنهها فقد يعرف هذه الاشياء ايضا لان معرفتها واحدة يريد وتشارك هذه الاوائل فى المعرفة الهوية لان الذى يعرف الهوية انما يعرفها من قبل هذه الاوائل فهو يحتاج فى معرفة الهوية الى معرفتها ثم قال ولذلك لا يروم احد ممن ينظر فى الاشياء الجزئية ان يقول فيها شيئا من الاقاويل يريد ولكون العلم بها للعلم العام لسنا نجد احدا ممن تكلم فى العلوم الجزئية تعاطى القول فيها لا من اصحاب علم الهندسة ولا من اصحاب علم العدد ثم قال بل قال فيها بعض الطبيعيين اقاويل لان هؤلاء وحدهم ظنوا انهم يفحصون عن معرفة كلية الطباع والهوية يريد وانما تكلم فيها بعض الناظرين فى العلم الطبيعى لان الناظرين فى هذا العلم حسبوا ان علمهم هو العلم الكلى الناظر فى الموجود بما هو موجود والسبب فيما ظنوا من ذلك انهم كانوا يظنون اولا انه ليس هاهنا موجود الا طبيعى ثم قال ولكن اذا كان علم من العلوم ارفع من العلم الطبيعى لان الطباع جنس واحد من اجناس الهوية يريد ولكن اذا كان قد تبين ان هاهنا علما اخر اعم من العلم الطبيعى وارفع منه وهو الناظر فى الموجود المفارق والموجودات المفارقة لان العلم الطبيعى انما ينظر فى بعض اجناس الموجودات وهى المتحركة وقد تبين ان هاهنا جنسا اخر غير متحرك فواجب ان يكون هذا العلم هو الذى يفحص عن هذه الاوائل والمقدمات وهاذ هو الذى اراد بقوله ولذلك ينبغى ان يكون النظر فى هذه الاشياء للذين يفحصون عن معرفة الكل وعن الجوهر الاول فان العلم الطبيعى علم واحد من اصناف العلوم وليس بالعلم الاول يريد بالجوهر الاول المبدا الاول الجواهر وهو الله سبحانه وانما كان العلم الطبيعى ليس هو هذا العلم لانه ليس ينظر فى الموجود الاول والاول هاهنا هو المتقدم بالوجود والشرف والسببية
مخ ۳۴۰