Sharh Lum'at al-I'tiqad - Nasser al-Aql
شرح لمعة الاعتقاد - ناصر العقل
ژانرونه
الرؤية الخاصة بالمؤمنين
أما الرؤيا الخاصة بالمؤمنين فهي أنهم يرون ربهم ويتمتعون بهذه الرؤية ويتنعمون بها، إكرامًا من الله ﷿، نسأل الله أن يجعلنا منهم.
وهو النعيم الذي ذكره الله ﷿ زائدًا عن نعيم الجنة، وهي الزيادة المذكورة في قوله سبحانه: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس:٢٦].
وفي قوله ﷿: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ [ق:٣٥].
وقوله سبحانه: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة:٢٢ - ٢٣].
فرؤية المؤمنين لربهم في الجنة بأبصارهم رؤية مقطوع بها، وهي من أركان العقيدة الكبرى وأصولها العظمى الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، وقد وردت في إقرارها وبيانها وإثباتها الآيات التي شرحها النبي ﷺ وفسرها بذلك، ثم النصوص الأخرى التي هي الأحاديث الصحيحة المتفق عليها، وهي متواترة كما أجمع على ذلك أهل الحديث، أهل السنة والجماعة، كما أنها صريحة في إثبات الرؤية من وجوه: أولها: أن النبي ﷺ أجاب فيها عن سؤال صريح عن الرؤية، ذلك لأن النبي ﷺ لما تحدث لصحابته عن أمور الجنة ونعيمها قالوا: (هل نرى ربنا يوم القيامة؟) أو (في الجنة) كما في بعض النصوص.
(قال: نعم).
الثانية: أن النبي ﷺ قرر ذلك بإثبات الرؤية العينية فقال: (إنكم سترون ربكم عيانًا) وهذا في الحديث الصحيح.
ثم أثبتها بطريقة ثالثة لا تقبل الجدل ولا التأويل ولا التمحل ولا الرد، قال: (كما ترون الشمس والقمر ليس دونهما سحاب).
فلا يستطيع عاقل وهو مبصر أن ينكر الشمس أو طلوع الشمس في رابعة النهار ليس دونها سحاب.
ثم أثبت ذلك بطريقة رابعة وقال: (لا تضامون) وفي رواية: (لا تضامّون) وكلها بمعنى إثبات الرؤية.
ومعنى (لا تضامون) لا يضيم ولا يجحد بعضكم رؤية بعض، ذلك أن الإنسان لو أنه أنكر عليه الشيء الثابت اعتبر هذا ضيمًا بالنسبة له، فلو أن أحدنا خرج في النهار والشمس طالعة، وقال للناس: الشمس طالعة، فقال أحد الناس: لست بصادق؛ لاعتبر هذا ضيمًا، وإنكارًا لأمر تشهد به العيون والعقول والأفئدة، ويشهد به الناس جميعًا.
كما أن قوله: (لا تضامّون) أي: لا تتزاحمون، من وضوح الرؤية وجلائها، ومن عظمة الباري ﷿ لا يحتاج الناس إلى أنهم يتزاحمون لرؤيته يوم القيامة، ولا يحتاج المؤمنون إلى أن يتزاحموا لرؤيته في الجنة.
قال: (وهذا تشبيه للرؤية لا للمرئي) ويقصد بذلك أننا حينما شبهنا رؤية الله ﷿ برؤية الشمس في رابعة النهار، والقمر في ليلة البدر، فهذا يعني أنه لا مجال لإنكار رؤيتهما، من حيث الوضوح والتأكيد والجزم.
إذًا: التشبيه هنا تشبيه بالوضوح والجزم، لا تشبيه المرئي وهو الله ﷿ بالمرئي وهو الشمس والقمر، من حيث إن الله ﷿ ليس كمثله شيء، لكن شبهت الرؤية بالرؤية من حيث وضوحها والجزم بها والقطع بها وعدم إنكارها، وأنه لا يسع أحدًا من الناس أن يجادل في ذلك، كما لا يمكن لأحد من الناس أن ينكر طلوع الشمس في رابعة النهار ليس دونها سحاب، ولا أن ينكر طلوع القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب، فكذلك ليس لأحد أن ينكر رؤية الله ﷿ من قبل المؤمنين بأبصارهم في الجنة يوم القيامة.
نسأل الله أن يمتعنا جميعًا بذلك.
فإن الله تعالى ليس له شبيه ولا نظير.
4 / 4