ومثل: زم فإنه يقال زمه أي رفع زم البعير رأسه رفعه، وزم الشيء شده، وقد قيل أصله زم متعد لأجل ذلك، وأصل مل التعدي مله، أي ضجر منه، وأصل شد التعدي شد المتاع يشده، وأصل غل كذلك غله سرقه وأخفاه، وأصل ثل كذلك وسح المطر، وخش وغل، وجن الليل، ورش المزن، وذرت الشمس، وحل البعر يحله التقطه، وكال القوم عند جلائهم التقطوا أمتعتهم، ثم حذف المفعول ويقال: هبه من النوم، وكأن الريح هبت الأشجار، أي حركتها.
ويقال: در الملح وغيره، وكأن الشمس درت شعاعها أفاضته، وسححت الماء، وخش متاعه وغله أي أدخله وأخفاه، وجنه الليل ستره، ورش المكان بله، وكأن المزن رش الأرض، وكممت الشيء سترته وأصل ذلك التعدي ثم طرأ عليه اللزوم، وأبقى الضم وكذا غيرها، وكذا ذب أصله التعدي ذبه يذبه، ونصه رفعه أو أظهره، ويستعملان كذلك، وغض طرفه، وحط رحله، وخفه (وحففناهما بنخل) وصف قدميه، وصف الطائر جناحيه، وعق العقيق، وحل المنزل أي نزله، ومن عليه النعمة أي ذكرها (وتلك نعمة تمنها) وغير ذلك مما يعلم مما مر في تلك المواد، وكون الشيء أصله التعدية لا ينافي عد ضمه بعد لزومه شذوذا باعتبار، وكون فعل لازم وافق لفظ فعل متعد لا يوجب كون أصله التعدية.
فائدتان:
الأولى: أنه وقع في عبارة الناظم وغيره، وعبارتي ذكر الشيء وتفسيره، وقد نص الأدباء على أن جمع المفسر والفسر باطل.
والجواب: أنه ذكر السيد في حواشي الوافية وابنه في الرشاد، أن محل البطلان ما إذا لم ينشأ الإبهام في المفسر إلا من حذفه، وأما المفسر الذي فيه إبهام بدون حذفه، فيجوز الجمع بينه وبين مفسره، كقولك: جاءني رجل أي زيد، وما فعلناه من هذا القبيل.
مخ ۲۳