باب الندبة
الغرض فيه:
أن يبين [ما يجوز] في الندبة مما لا يجوز.
مسائل هذا الباب:
ما الذي يجوز في الندبة؟ وما الذي لا يجوز؟ ولم ذلك؟
ولم لا يجوز فيها حرف النداء كما يجوز في غيرها؟
ولم جاز لحاق ألف الندبة في آخر الاسم، وحذفها؟
ولم جازت الندبة بيا أو وا، ولم تجز بغير ذلك من حروف النداء؟
ولم تبع ما قبل ألف الندبة الألف في الاسم الظاهر، ولم يتبعه في المضمر؟
وهل ذلك لأنه في الظاهر لا يلبس كما يلبس في المضمر؟
1 / 166
وما حكم: وازيداه، في الندبة؟ ولم زيدت فيه الألف؟ ولم زيدت فيه الهاء؟
وما حكمه إذا كان مضافا إلى المتكلم؟ ولم جاز فيه؟ وازيداه، على إذهاب علامة الإضافة؟ وهل ذلك لأن الألف ما قبلها في الاسم الظاهر، وكان قبل الإضافة: وازيد، ففتحت المكسور كما تفتح المضموم في: وازيد؟
وما قيل ذلك على مذهب من أثبت الياء ساكنة، فقال: يا غلامي، وقرأ: ﴿يَا عِبَادِيَ﴾؟ ولم جاز فيه على هذا المذهب وجهان: الحذف، والإثبات؟
1 / 167
وهلا وجب الإثبات لئلا يلتبس بغير المضاف؟ وهل ذلك لأنه موضع يرتفع فيه اللبس بشهرة حال المندوب حتى جاز في وازيد: وازيداه؟
وما قياس ذلك على مذهب من يقول: يا غلامي أقبل؟ ولم وجب فيه إثبات الياء لا غير؟
وهل يجوز/ ١٩٣ ب: واغلاميه، بحذف ألف الندبة؟ ولم جاز؟ ولم لحقت الهاء في الوقف؟
وما الشاهد في قول ابن قيس الرقيات:
(تبكيهم دهماء معولة ... وتقول سلمى وارزيتيه؟)
1 / 168
ولم جاز في الندبة: وازيد، ووازيد، ووازيدي، بإثبات الياء. ولم حسن الإثبات في الندبة بما لم يحسن في غيره من النداء؟ وهل ذلك لأنه موضع زيادة وتفخيم؟
وما حكم: وانقطاع ظهرياه؟ ولم قوي فيه إثبات ياء الإضافة في: وانقطاع ظهري؟ وهل ذلك لأنه غير منادي؟
ولم ذهبت الهاء في الوصل؟
وما حكم: واغلام زيداه؟ ولم ذهب التنوين فيه؟ وهلا حرك لالتقاء الساكنين؟ وهل ذلك لأجل الزيادة التي لحقت للندبة مع طلب الاستخفاف في النداء فصارت معاقبة؟
1 / 169
وهل يجوز: واغلام زيد؟ ولم جاز؟
وما الشاهد في قول رؤبة: (فهي ترثى يا أبي وابنيما؟)
ولم جاز:
1 / 170
(... يا أبا وابناما)
مع اختلاف ذلك في القافية، وقد منع منه أبو العباس؟ فما وجه قول سيبويه فيه؟ وهل ذلك على أن من العرب من ينشده بالياء، ومنهم من ينشده بالألف على طريق التمثل من غير أن يذكر شيئا من القصيدة التي هو فيها، ولا يدري كيف هو في القصيدة، فينشه على ما يجوز في لغته؟ وما وجه الحكاية فيه؟ .
1 / 171
وما حكم ياء الإضافة إذا كان قبلها ياء ساكنة في الندبة؟ ولم وجب فيه: واغلامياه، وواقاضياه، وواغلامي، وواقاضي؟
ولم لابد من تحريك ياء الإضافة في: وامثناياه؟ وهلا حذفت كما تحذف ألف (مثنى) إذا دخلت عليها ألف الندبة؟ وهل ذلك لأنها تثبت في (مثناي) قبل لحاق ألف الندبة؟
الجواب:
الذي يجوز في الندبة لحاق ألف الندبة في آخر الاسم مع الهاء في الوقوف، وحذفها في الوصل.
1 / 172
ولا يجوز حذف حرف النداء في الندبة كما يجوز في غيره؛ لأنه موضع مد الصوت، مع أن الندبة فرع على باب النداء، فلا يقوي قيه الحذف.
ولا يجوز أن يلحق من أدوات النداء إلا: لأنها أم حروف النداء، أو وا؛ لأنها لباب الندبة خاصة؟ .
وما قبل ألف الندبة يتبع الألف بالفتح في الاسم الظاهر؛ لأنه لا يلتبس، ولا يتبعه في المضمر؛ لأنه يلتبس المذكر بالمؤنث، والتثنية بالجمع.
وتقول: وازيداه، فتحلق: وا، لأنها تخص الندبة، والألف؛ لأنها علامة الندبة مع مد الصوت بها، وتلحق الهاء في الوقف؛ لبيان الألف، فإذا وصلت أسقطتها؛ للاستغناء عنها بحرف الوصل.
1 / 173
وإذا كان المندوب مضافا إلى المتكلم جاز/ ١٩٤ فيه وجهان: وازيداه، ووازيدياه.
أما: وازيداه، على أن الأصل: وازيد؛ فلأن الألف تفتح المكسور كما تفتح المضموم. وأما على مذهب من يثبت الياء ساكنة؛ فيجوز فيه وجهان: الحذف، والإثبات.
أما الإثبات فلأنها ردت عند الحاجة إلى حركتها إلى أصلها، وأما الحذف فلالتقاء الساكنين في موضع لا يلبس، وهو موضع استخفاف؛ لذلك جاز في وازيد: وازيداه، لأن المندوب من شأنه أن يشتهر حاله.
ومن أثبت الياء متحركة لم يجز على مذهبه إلا إثباتها في الندبة.
1 / 174
وقال ابن قيس الرقيات:
(تبكيهم دهماء معولة ... وتقول سلمى وارزيتيه)
فألحق الهاء في الوقف لبيان الحركة
ويجوز في الندبة: وازيد، ووازيدي، ووازيدي، بفتح الياء، كل ذلك جائز حسن؛ لأن الندبة موضع تفخيم، ومد الصوت.
وتقول: وانقطاع ظهرياه، فتثبت الياء؛ لأنه غير منادي، وإنما هو مضاف إليه،
1 / 175
فتثبت فيه الياء كما تثبت في غيره من الكلام.
وتقول: واغلام زيداه، فتحذف التنوين؛ لأن علامة الندبة صارت معاقبة له؛ لأنها على حرف واحد كما أنه على حرف واحد، وهي زيادة في آخر الاسم كما أن التنوين كذلك، مع الاستخفاف الذي فيه.
كما أن التنوين كذلك، مع الاستخفاف الذي فيه.
وتقول: واغلام زيد، فتسقط ألف الندبة كما تسقطها من المندوب إذا قلت: وازيد.
وقال رؤبة.
(فهي ترثى يا أبي وابنيما)
1 / 176
/فأثبت ياء الإضافة في الندبة، ويجوز
(... يا أبا وابناما)
حكاه سيبويه على أنه مسموع على الوجهين، ولم يجز أبو العباس إلا:
(... يا أبي وابنيما)
لأجل القافية؛ وذلك أن الياء ردف، والميم حرف الروي، والألف وصل، ولا يجوز مع الياء الألف في الردف، ولكن قد يجوز الواو مع الياء.
1 / 177
وهذا كما قال أبو العباس، إلا أن وجه قول سيبويه على أن الذي روى:
(... وابنيما)
عرف القصيدة، فأنشده على ما توجبه القافية، ومن روى:
(... وابناما)
فإنه تمثل به، ولم يعلم كيف هو في القصيدة؛ لأنه رواه وحده على ما توجبه لغته.
وحكم ياء الإضافة إذا [كان] قبلها ياء ساكنة أن تثبت في الندبة، فتقول: واغلامياه، وواقاضياه؛ لأنها كانت ثابتة قبل الندبة، فجرت على ذلك، وكذلك /١٩٤ ب إذا كان قبلها ألف في قولك: وامثناياه، ولم يجز أن تحذف في هذا الموضع؛ لأنها بمنزلتها في غير الندبة، فأما ألف مثنى؛ فيحذف في الندبة؛ لالتقاء الساكينين، ولا يقلب إلى الياء المتحركة؛ لاستثقال ذلك، مع أنه موضع يرتفع فيه الإلباس.
1 / 178
باب ألف الندبة التي تتبع ما قبلها
الغرض فيه:
أن يبين ما يجوز في ألف الندبة التابعة لما قلبها مما لا يجوز؟
مسائل هذا الباب:
ما الذي يجوز في ألف الندبة التابعة لما قبلها؟ وما الذي لا يجوز؟ ولم ذلك.
ولم لا يجوز إلا أن تتبع في المضمر دون المظهر؟ وهل ذلك لما يلزم من الالتباس في المذكر والمؤنث، والتثنية والجمع؟
وما الندبة في: ظهره؟ ولم وجب: واظهرهوه، وفي المؤنث: واظهرهاه؟
وما الندبة إلى: ظهرهم؟ ولم وجب: واظهرهموه، وفي التثنية: واظهرهماه؟ ولم حذفت الألف منه؟ وما قياسه من: وامثناه؟ .
وما الندبة في: غلامك؟ ولم وجب: واغلامكيه، وفي المذكر: واغلامكاه؟
1 / 179
وما الندبة في: انقطاع ظهره؟ ولم وجب: وانقطاع ظهرهوه، أو واانفطاع ظهرهيه؟
وما الندبة في قولك: أبو عمري؟ ولم وجب/ واأبا عمرياه، على لحاق العلامة في عمرو، مع أن المندوب هو الأب؟ فلم جاز ذلك؟ وهل ذلك؛ لأن المضاف والمضاف إليه بمنزلة شيء واحد، فلم يصح أن تلحق العلامة إلا في آخر الاسم؟ ولم جاز: أبو عمري، على لحاق الياء في عمرو، وإنما المضاف إليك هو الأب؟ وهل ذلك؛ لأنه لما كان عمرو تمام الاسم؛ صار كأنه لك، كما تقول: يا أبا عمري؟
وما في امتناع: هذا أبو النضرك، وهذه ثلاثة الأثوابك، من الدليل على أن الثاني كأنه المضاف إلى المخاطب في الحقيقة؟ وهل ذلك من جهة أنه يعترف به؟ ولو كانت إضافة لفظية؛ لم يتعرف، ولجاز: هذا أبو النضرك، وهذه ثلاثة الأثوابك؟ .
1 / 180
باب ما يمتنع فيه ألف الندبة
الغرض فيه:
أن يبين ما يمتنع فيه ألف الندبة مما لا يمتنع.
مسائل هذا الباب:
ما الذي يمتنع فيه ألف الندبة؟ وما الذي لا يمتنع؟ ولم / ١٩٥ أذلك؟
ولم امتنعت من الصفة، ولم تمتنع من المضاف إليه؟
ولم جاز: وازيد الظريف، والظريف، بالرفع، والنصب مع لحاق ألف الندبة الموصوف دون الصفة؟ . وهل ذلك لأن (الظريف) ليس بمنادي، ولا داخل في اسم المنادي على معاقبة حرف منه، فيجب له مثل حكمه؟
1 / 181
وهل يلزم من أحلق الصفة علامة الندبة أن يقول: وازيدا أنت الفارس البطلاه؟ وهل وجه هذا الإلزام أن الثاني هو الأول مع أنه غير منادي، ولا داخل في اسم المنادي؟ وهلا انفصل ذلك من جهة أن الصفة والموصوف بمنزلة اسم
1 / 182
واحد، وليس كذلك الجملة مع الاسم المنادى؟ وهل يرد إلى الإلزام أن الثاني هو الأول، وإن انفصل من جهة أنه في الجملة، كما أن الثاني في الصفة هو الأول مع جواز الانفصال بالخبر، فجواز الانفصال بالخبر يقتضي المنع من لحاق العلامة كما أن الانفصال بالاسم المخبر عنه يقتضي المنع من لحاق العلامة، وإن كان أحدهما أوكد من الآخر كما يكون ذم الظالم بالقتل أوكد من ذم الظالم بالغضب، وأحدهما لازم من الآخر، لأن المقتضي فيهما واحد، فمن أعطى ذم الظالم بالفتل؛ لزمه ذم الظالم بغضب المال؟
وما الندبة في: أمير المؤمنين؟ ولم جاز: واأمير المؤمنيناه، وفي (عبد القيس) واعبد قيساه، وواعبد القيساه؟ وما في أنه لا يجوز (عبد) أو (أمير) مع إرادة الإضافة، ويجوز (زيد) مع إرادة الصفة، وإن لم تذكر؛ من الدليل؟ وهل ذلك لأنه إذا نون الأول بطلت نية الإضافة، وليس كذلك في الصفة، فهذا دليل على
1 / 183
المعاقبة لما هو حرف من الاسم، فألف الندبة لآخر الاسم، وآخر الاسم المضاف إليه؟
وما وجه قول يونس: وازيد الظريفاه؟ وهل ذلك لأنه رأى الصفة والموصوف بمنزلة اسم واحد؟
ولم زعم الخليل أن هذا خطأ؟ وهل ذلك لأنه ليس بآخر الاسم، وإنما تلحق ألف الندبة في آخر الاسم، وإنما تشبه آخر الاسم من وجه لا يقوي به الحكم كحكم آخر الاسم كما يقوي المضاف إليه؟
وما الندبة في: قنسرين:؟ ولم وجب فيه: واقنشروناه؟
وما الندبة في رجل اسمه: اثنا عشر؟ ولم وجب فيه: واثنا عشراه؟ وهل
1 / 184
ذلك واجب مما هو أوكد في المضاف إليه؛ لأنه أشد اتصالا بالأول من المضاف إليه؟
وما الندبة في رجل سمي: ضربوا؟ /١٩٥ ب ولم وجب فيه: واضربوه، وفي (ضربا): واضرباه، وفي (غلامهم) إذا سمي به: واغلامهموه وفي (غلامهما): واغلامهماه؟
فلم وجب أن تكون ألف الندبة تابعة في التسمية كما تتبع في غيره؟ وهل ذلك ليظهر ما سمي به من تثنية، أو جمع، أو مذكر، أو مؤنث؟
1 / 185