شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار
شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار
ژانرونه
نماذج من الأحاديث التي ردت ممن يقدمون العقل على النقل
إن رد أحاديث النبي ﷺ موجود في كثير من الفضائيات وكثير من المجلات والصحائف، فهؤلاء يتكلمون عن الإسلام المستنير والبعد عن التشدد، ومن هؤلاء الذين زعموا أنهم من أصحاب الإسلام المستنير الشيخ الغزالي ﵀، وتلميذه الشيخ القرضاوي حفظه الله، وأماتنا جميعًا على الإسلام، وجعلنا ممن يعمل لدين الله جل في علاه، فالشيخ القرضاوي حفظه الله وردنا وإياه إلى ما يحب ويرضى رد أحاديث عن النبي ﷺ وليس له بضاعة في التصحيح والتضعيف، فقد رد حديث النبي ﷺ: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف) فرد هذا الحديث وقال: هذا الحديث ضعيف، وبضاعته مزجاة في علم الحديث، وهو يعول على الشيخ الألباني كثيرًا في التصحيح والتضعيف، فلم لا يأخذ بقول الألباني في هذا؟ وأيضًا الشيخ الغزالي فقد رد أحاديث كثيرة، منها: حديث شق الصدر؛ وقال الغزالي في هذا الحديث وغيره: إنها لا توافق العقل، وهذا هو منهج المعتزلة؛ فإن من أصول المعتزلة الخمسة: تقديم العقل على النقل، وأصول المعتزلة خمسة وهي: التوحيد، والعدل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمنزلة بين المنزلتين، والخامس: تقديم العقل على النقل.
فـ الغزالي كان متأثرًا بفكر المعتزلة، ولذلك رد حديث: شق الصدر، وقال كيف -وكان طفلًا صغيرًا- يشق صدره ويخرج قلبه ثم يغسله في طست ثم يرد القلب ثم يأخذ حظ الشيطان من قلب رسول الله ﷺ؟! فرد هذا الحديث.
وأيضًا رد حديث النبي ﷺ الذي في الصحيحين وهو: (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) قال: لو رأى البخاري ما تفعله تاتشر لما قال بهذا القول، وكأنه ينسب هذا القول إلى البخاري لا إلى رسول الله ﷺ، مع أننا لو نظرنا بدقة نظر فيما فعلته تاتشر فقد خربت إنجلترا، وهذا مصداق لقول النبي ﷺ (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) فرده لأنه يرى في الواقع أمامه أن هناك نساء قادرات على العمل والعطاء، والآن ينادون بالمساواة بين الرجل والمرأة ويعاندون ربهم جل في علاه، يقول تعالى: ﴿وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [النساء:٣٢] فلم هذه المعاندة؟! وأيضًا منهم من رد الحديث جهلًا وهو لا يعرف شيئًا فتجده يقول: حتى لو جاء في البخاري بأن النبي ﷺ تزوج عائشة وهي بنت تسع سنين فلا أصدق ذلك؛ لأن عائشة لا ترضى ذلك ولا تحتمل، ولا بد أن يكون زواجها عند سن ثماني عشرة سنة، يقول: أنا لي عقل أفكر به فكيف أقبل من البخاري هذا الكلام؟! نقول: وهل البخاري أتى بهذا الكلام من كيسه، أو أتى به من عند أمه؟! لم يأت البخاري به إلا بالسند الصحيح عن النبي ﷺ.
فهذه الظاهرة ظهرت عندنا، وهي حرب على الثوابت والمبادئ والدين بطرق ملتوية، فهم لا يستطيعون أن يعلنوا هدمهم للدين؛ لأن العامة سيثورون عليهم، لكن يقولون: لا، نحن نأخذ بالدين، وفي الحقيقة هم يهدمون الدين ويهدمون السنة، فهم يعظمون العقل ولا يعظمون سنة النبي ﷺ، وغفل هؤلاء أو تغافلوا عن أن الله جل وعلا أغلق كل باب ولن يُقبل أحد حتى يدخل من باب رسول الله ﷺ، لذلك فلابد أن تسلِّم وتعمل بقول الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب:٣٦].
ونحن الآن ندرس نقد متون السنة، فهل الاجتهاد قد أغلق؟ نقول: الاجتهاد باق إلى يوم الدين، يقول النبي ﷺ: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرة لا يضرها من خالفها أو خذلها) وأيضًا قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء:٨٣] يعني: إلى أولي العلم، ففيها دلالة على الاجتهاد، فقوم غلوا وقالوا: لا ننظر إلى هذا، فإذا جاء الحديث خذ به، وقوم آخرون قالوا: لا، لا نقبل حتى ننظر هل يقبله العقل أم لا؟ والوسطية هم أهل السنة والجماعة الذين قالوا: ننقد الأحاديث وننظر هل هي من قول النبي ﷺ أو ليست من قول النبي ﷺ، وهذا الانتقاد لا بد أن تكون له آلة ومقومات ومقدمات، فالعالم لا بد أن تكون عنده آلة الاجتهاد؛ ليمحص حديث النبي ﷺ، ويبين الصحيح من الضعيف.
3 / 4