ثم قال -رحمة الله عليه-: "حدثنا مسدد" مر بنا مرارا ابن مسرهد بن مسربل إلى آخر ما ركب من نسبه، والذي يغلب على الظن أنه تركيب: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن أرندل بن سرندل بن عرندل، ما يمكن تجتمع بهذه الصورة، لعله تركيب، "قال: حدثنا يحيى" وهو ابن سعيد القطان، "قال: حدثنا قرة بن خالد –السدوسي- قال: حدثنا ابن سيرين -محمد الإمام المعروف- عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة -عن أبيه أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي- عن رجل آخر"، هو حميد بن عبد الرحمن الحميري، "عن رجل آخر هو أفضل في نفسي من عبد الرحمن بن أبي بكرة"، صرح بعبد الرحمن بن أبي بكرة؛ لأن المروي من طريقه مما وقع لأبيه، والإنسان يحرص على حفظ ما يتعلق به أو بأبيه أو بأسرته، وإلا من أبهم .. ، وحميد بن عبد الرحمن حميري أفضل من عبد الرحمن بن أبي بكرة؛ لأن ابن أبي بكرة دخل في الولايات، وأما حميد بن عبد الرحمن فقد زهد في الدنيا كلها فضلا عن ولاياتها، ولا شك أن من مالت به الدنيا ومال بها معرض للخطر، بخلاف من عزف عنها، ولا يعني هذا أن أمور المسلمين تعطل، وكل الناس يزهد فيها، بل قد يتعين العمل فيها على بعض الناس، وإذا ألزم الإنسان من غير مسألة بهذه الولايات ونصح وبذل جهده واستفرغ وسعه في نصح الناس، والنصح لهم، لا شك أنه مثاب، بل ثوابه عظيم؛ لأن هذه أمور هي في الأصل خدمة للأمة، والله المستعان، لكنه في الغالب يعني امتحان قل أن ينجو منها، ((نعمت المرضعة، وبئست الفاطمة)) قل من ينجو منها، ابن عباس قيل فيه هذا الكلام، جاء رجل يسأل ابن عمر، فقال له: سل ابن عباس، فذكر له أن ابن عباس صار عنده شيء من التوسع في أمور الدنيا، يعني في المباحات، بينما ابن عمر زهد في هذه الأمور، فالناس لا شك أنهم يحسنون الظن، بمن لا نظر له في الدنيا، وإن كان أقل في العلم، والله المستعان.
مخ ۱۳