150

Sharh Kitab Al-Fawaid

شرح كتاب الفوائد

ژانرونه

الخير المحض والشر المحض
أما النوع الأول: فالخير المحض الذي لا يعرف الشر هم الملائكة؛ لأنهم لا يخطئون، حتى ولو حاولوا؛ لأنهم ليس لديهم نوازع الشر، ولذلك طلب الكفار من الرسول أن يأتي بملك من الملائكة يؤيده أو يمشي معه؛ لكي يصدقوه، فقال الله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا﴾ [الإسراء:٩٥].
فلو نزل ملك من السماء على سبيل المثال إلى الأرض، وكان رسولًا، لقال مثلًا: لماذا تنامون ست ساعات في اليوم، يكفيكم ساعتان من النوم، وهو يقول هذا لأنه لا ينام أصلًا، ولا يعرف معنى النوم، ولا يعرف معنى الأكل والشرب، ولا حتى النوازع الغريزية، مثل: الغضب، والانتقام، والتعدي على الغير، فتجده يستغرب كل هذه الأشياء.
إذًا: لو أرسل الله ﷿ ملكًا إلى الناس لكانت للناس حجة على الله، ولكن الله تعالى يقول على لسان سيدنا إبراهيم: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة:١٢٩]، وكان الكفار يقولون: ما جربنا عليك كذبًا قط يا محمد! فقال: لو قلت لكم: إن خيلًا خلف هذا الجبل تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم، فقال: أنا رسول الله إليكم جميعًا، قالوا: كذبت.
فالمسألة كما قال تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام:٣٣]؛ يجحدونه لأنهم لم يجربوا عليه الكذب.
وكذلك في مسألة الحجر عندما هدمت السيول الكعبة، وكان عمره ﷺ خمسة وعشرين عامًا، فاختلفوا أيهم يضع الحجر الأسود، وكادوا أن يتقاتلوا في المسجد الحرام، فقال أحدهم: لماذا نتقاتل؟ نحتكم إلى أول شخص يدخل من باب المسجد، فإذا بالحبيب ﷺ يدخل فقالوا: هذا هو الأمين محمد قد رضينا بالأمين محمد وعندما وضحوا له المشكلة، قام ووضع عباءته ووضع الحجر في وسطها، ثم قال: أين القبائل؟ كل قبيلة تبعث مندوبها، ويمسك بطرف العباءة، فحملوه جميعًا، وبعد أن اقتربوا من مكانه أخذه رسول الله ﷺ بيديه الشريفتين ووضعه مكانه.
وأما النوع الثاني: فالشر المحض، الذي لا يعرف الخير، وهم الشياطين.

15 / 8