السَّمَاءُ العُشْرُ" الحديث (١)، فإن اللفظَ عامّ في القليل والكثير، لكنْ ظهرَ أن المقصودَ منه بيانُ القَدْر (٢) المُخرَجِ، لا بيانُ القدر المُخرَجِ منه، ويؤخَذُ ذلك من قوله ﷺ: "فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقةٌ" (٣).
والتحقيقُ عندي: أنَّ دَلالته على ما لم يُقصَدْ به أضعفُ من دَلالتِه على ما قُصِد به، ومراتبُ الضعف متفاوتةٌ، والدَّلالةُ (٤) على تخصيصِ وتعيينِ المقصود مأخوذة (٥) من قرائنَ، قد تَضعُف تلك القرينة عن دلالة اللفظ على العموم وقد تَقوَى، والمرجعُ في ذلك إلى ما يجده الناظرُ بحسَب لفظٍ لفظٍ.
وإنما قدمتُ هذا؛ لأني سأذكر وجوهًا من الاستنباط يظهر في بعضها أنه بعيدٌ عن المقصود بأصل الحديث، فنبهت على كلام الأصوليين، وأنه غيرُ خارج عن مذهب بعضهم، وكذلك - أيضًا - استدل الفقهاء والخلافيون في مسائلَ كثيرةٍ بمثل هذا العموم فيما لا يُقصَد باللفظ، فهو غير خارج عن استدلالاتهم.
(١) رواه البخاري (١٤١٢)، كتاب: الزكاة، باب: فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري، من حديث ابن عمر ﵄.
(٢) "ت": "قدر".
(٣) رواه البخاري (١٣٤٥)، كتاب: الزكاة، باب: ما أدي زكاته فليس بكنز، ومسلم (٩٧٩)، في أول كتاب: الزكاة، من حديث أبي سعيد الخدري ﵁.
(٤) " ت ": "والدليل".
(٥) "ت": "مأخوذ".