النظر الثَّاني: في إعرابِ قوله ﵇: "هو الطهورُ ماؤُهُ"، قد أنهاه بعضهم إلى قريبٍ من عشرين وجهًا، في كثير منها تكلفٌ أو إضمارٌ لا تظهر الدلالةُ عليه، فتركنا أكثرها واقتصرنا على أوجهٍ أربعة:
الأول: أن يكون (هو) مبتدأً، و(الطهور) مبتدأً ثانيًا خبره (ماؤه)، والجملةُ من هذا المبتدأ الثَّاني وخبرِه خبرُ المبتدأ الأول.
الثَّاني: أن يكون (هو) مبتدأ، و(الطهور) خبره، و(ماؤه) من بدل الاشتمال، وفي هذا الوجه بحثٌ دقيق.
الثالث: أن يكون (هو) ضمير الشأن، و"الطهور ماؤه" مبتدأً وخبرًا، ولا يمنع من هذا تقدُّمُ ذكرِ البحر في السؤال، لأنَّه إذا قُصِد الإنشاء وعدمُ إعادة الضمير في قوله (هو) على (البحر)، صحَّ هذا الوجه، وهذا كما قالوا في ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١]: إنَّهُ ضميرُ شأنٍ مع ما رُوِيَ من تقدمِ ذكر الله تعالى في سؤال المشركين حيثُ قالوا: انسب لنا ربك (١).
(١) رواه التِّرمذيُّ (٣٣٦٤)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة الإخلاص، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ١٣٣)، وغيرهما من حديث أبي بن كعب ﵁.
ورواه التِّرمذيُّ (٣٣٦٥)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة الإخلاص، من حديث أبي العالية مرسلًا. قال التِّرمذيُّ: ولم يذكر فيه "عن أبي بن كعب" وهذا أصح.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٨/ ٧٣٩): وصحح الموصولَ ابنُ خزيمةَ والحاكمُ، وله شاهد عند أبي يعلى، والطبري، والطبراني في "الأوسط".