شرح حديث النزول
شرح حديث النزول
خپرندوی
المكتب الإسلامي،بيروت
د ایډیشن شمېره
الخامسة
د چاپ کال
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
د خپرونکي ځای
لبنان
مركب. وهؤلاء ممن اعترف نفاة الجسم بأنهم لا يكفرون؛ فإنهم لم يثبتوا معنى فاسدًا في حق الله - تعالى - لكن قالوا: إنهم أخطؤوا في تسمية كل ما هو قائم بنفسه، أو ما هو موجود جسمًا، من جهة اللغة؛ قالوا: فإن أهل اللغة لا يطلقون لفظ الجسم إلا على المركب.
والتحقيق أن كلا الطائفتين مخطئة على اللغة، أولئك الذين يسمون كل ما هو قائم بنفسه جسمًا، وهؤلاء الذين سموا كل ما يشار إليه وترفع الأيدي إليه جسمًا، وادعوا أن كل ما كان كذلك فهو مركب، وأن أهل اللغة يطلقون لفظ الجسم على كل ما كان مركبًا. فالخطأ في اللغة، والابتداع في الشرع مشترك بين الطائفتين.
وأما المعاني: فمن أثبت من الطائفتين ما نفاه الله ورسوله، أو نفي ما أثبت الله ورسوله، فهو مخطئ عقلًا، كما هو مخطئ شرعا. بل أولئك يقولون لهم: نحن وأنتم اتفقنا على أن القائم بنفسه يسمى جسمًا في غير محل النزاع، ثم ادعيتم أن الخالق القائم بنفسه يختص بما يمنع هذه التسمية التي اتفقنا نحن وأنتم عليها، فبينا أنه لا يختص؛ لأن ذلك مبني على أن الأجسام مركبة، ونحن نمنع ذلك ونقول: ليست مركبة من الجواهر المنفردة.
ولهذا كره السلف والأئمة - كالإمام أحمد وغيره - أن ترد البدعة بالبدعة، فكان أحمد في مناظرته للجهمية لما ناظروه على أن القرآن مخلوق، وألزمه أبو عيسى محمد ابن عيسى برغوث [هو أحد مناظري الإمام أحمد وقت المحنة، صنف كتاب [الاستطاعة] و[المقالات] وغيرهما، توفي سنة ٢٤٠هـ وقيل: سنة ٢٤١هـ]، أنه إذا كان غير مخلوق لزم أن يكون الله جسمًا وهذا منتف، فلم يوافقه أحمد، لا على نفي ذلك، ولا على إثباته؛ بل قال: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [سورة الإخلاص] .
ونبه أحمد على أن هذا اللفظ لا يدرى ما يريدون به. وإذا لم يعرف مراد المتكلم به لم يوافقه، لا على إثباته، ولا على نفيه. فإن ذكر معنى أثبته الله ورسوله أثبتناه، وإن ذكر معنى نفاه الله ورسوله نفيناه باللسان العربي المبين، ولم نحتج إلى ألفاظ مبتدعة في الشرع، محرفة في اللغة، ومعانيها متناقضة في العقل، فيفسد الشرع واللغة والعقل؛ كما فعل أهل البدع من أهل الكلام الباطل المخالف للكتاب والسنة.
1 / 76