شرح حديث النزول
شرح حديث النزول
خپرندوی
المكتب الإسلامي
د ایډیشن شمېره
الخامسة
د چاپ کال
۱۳۹۷ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
يهفو إلى البان من قلبي نوازعه ... وما بي البان بل من دارة البان
وهذا اللفظ يستعمل في حركة الشيء الخفيف بسرعة، كما يقال: هفا الطائر بجناحه، أي: خفق وطار، وهفا الشيء في الهواء، إذا ذهب كالصوفة ونحوها، ومر الظبي يهفو، أي: يطفو، ومنه قيل للزلة: هفوة، كما سميت زلة، والزلة حركة خفيفة، وكذلك الهفوة. وكذلك يسمى المحب المشتاق الذي صار حبه أقوى من العلاقة [صبًا] وحاله صبابة، وهو رقة الشوق وحرارته، والصَبُّ المحب المشتاق؛ وذلك لانصباب قلبه إلى المحبوب كما ينصب الماء الجاري، والماء ينصب من الجبل، أي: ينحدر. فلما كان في انحداره يتحرك حركة لا يرده شيء سميت حركة الصب [صبابة]، وهذا يستعمل في المحبة المحمودة والمذمومة.
ومنه الحديث: إن أبا عبيدة ﵁ لما أرسله النبي ﷺ في سرية بكى صبابة وشوقًا إلى النبي ﷺ. والصبابة والصَبُّ متفقان في الاشتقاق الأكبر. والعرب تعاقب بين الحرف المعتل والحرف المضعف كما يقولون: تقضى البازي وتقضض، وصبا يصبو: معناه: مال، وسمي الصبِي صَبِيًّا؛ لسرعة ميله. قال الجوهري: والصبي - أيضًا - من الشوق، يقال منه: تصابي، وصبا يصبو صبوة وصبوًا، أي: مال إلى الجهل والفتوة، وأصبته الجارية. وقد يستعمل هذا في الميل المحمود على قراءة من قرأ: ﴿إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابين﴾ بلا همزة في قراءة نافع، فإنه لا يهمز ﴿الصابئين﴾ في جميع القرآن. وبعضهم قد حمده الله - تعالى - وكذلك يقال: حن إليه حنينًا، ومنه: حنه في الاشتقاق الأكبر يحنو عليه حنوًا. قال الجوهري: حنوت عليه عطفت عليه، ويحني عليه، أي: يعطف، مثل تحنن، كما قال الشاعر:
تحنى عليك النفس من لاعج الهوى ... فكيف تحنيها وأنت تهينها؟
وقال: الحنين: الشوق وتوقان النفس، ويقال: حن إليه يحن حنينًا، فهو حان
1 / 184