شرح حديث النزول
شرح حديث النزول
خپرندوی
المكتب الإسلامي،بيروت
د ایډیشن شمېره
الخامسة
د چاپ کال
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
د خپرونکي ځای
لبنان
في النساء، ونحن نتراءى الله في طوافنا؟ ! فهذا كله وما أشبهه لم يريدوا به أن القلب ترفع جميع الحجب بينه وبين الله حتى تكافح الروح ذات الله كما يرى هو نفسه؛ فإن هذا لا يمكن لأحد في الدنيا، ومن جوز ذلك إنما جوزه للنبى ﷺ؛ كقول ابن عباس: رأي محمد ربه بفؤاده مرتين، ولكن هذا التجلي يحصل بوسائط بحسب إيمان العبد ومعرفته وحبه؛ ولهذا تتنوع أحوال الناس في ذلك كما تتنوع رؤيتهم لله تعالى في المنام، فيراه كل إنسان بحسب إيمانه، ويرى في صور متنوعة.
فهذا الذي قاله أبوطالب وهؤلاء، إذا قيل مثله فيما يحصل في القلوب، كان مقاربًا، مع أن في بعض ذلك نظرًا. وإما أن يقال: إن الرب - تعالى - في نفسه هوكذلك، فليس الأمر كذلك.
أما قوله: أقرب إلى الروح من حياته، وأقرب إلى البصر من نظره وإلىاللسان من ريقه بقرب هو وصفه، وقوله: أقرب من حبل الوريد، فهذا ليس في كتاب الله ولا سنة رسول الله ﷺ، ولا قاله أحد من السلف، لا من الصحابة، ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا الأئمة الأربعة وأمثالهم من أئمة المسلمين، ولا الشيوخ المقتدى بهم من شيوخ المعرفة والتصوف. وليس في القرآن وصف الرب - تعالى - بالقرب من كل شيء أصلا، بل قربه الذي في القرآن خاص لا عام؛ كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: ١٨٦] فهو سبحانه قريب ممن دعاه.
وكذلك ما في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أنهم كانوا مع النبي ﷺ في سفر، فكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير؛ فقال: " يأيها الناس، ارْبَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصَمَّ ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا قريبًا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عُنُق راحلته " فقال: " إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم " لم يقل: إنه قريب إلى كل
1 / 124