مخالفتهم لما اتفقت عليه الملل وأهل الفطر السليمة
[الثالث: أنهم يخالفون ما اتفقت عليه الملل كلها وأهل الفطر السليمة كلها].
فإن الله فطر الخلق على الإيمان بأسمائه وصفاته، حتى إن مشركي العرب لما نزل القرآن وفيه ذكر للأسماء والصفات لم ينازعوا رسول الله ﷺ في هذا الباب، لا بشيء من عقلهم ولا غير ذلك، وإنما نازع من نازع منهم في مسألة البعث، في مثل قول الله تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ [يس:٧٨] فهذه منازعة عقلية في مسألة البعث، وقد أجيب عنها في القرآن في قول الله تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا﴾ [التغابن:٧].
وأما صفاته ﷾ فلم ينقل عن المشركين نزاع فيها من جهة العقل، وهذا يدل على أن العقل يقضي بالتسليم بثبوتها وليس بمنعها كما يزعم القوم.
فالقصد: أن مقالة الجهمية بتعطيل صفات الرب سبحانه مخالفة لقول أهل الملل، فإن الكتب السماوية قبل التحريف فيها ذكر لأسماء الرب ﷾ وصفاته، وحتى بعد التحريف؛ فقد ذكر المصنف أن في التوراة بعد تحريفها بقية كثيرة من ذكر أسماء الرب ﷾ وصفاته.
9 / 5