الشرح: قد بينا أن المرة السوداء خروجها في ابتداء المرض قتال، وأما في انتهائه إذا كان عن احتراق فهو ردئ، لكنه لا يدل على الموت. وكذلك بينا أن البراز الأسود الشبيه بالدم ردئ أيضا، وهو لا يدل على الموت. وهذا إنما هو كذلك إذا كانت القوى كما ينبغي، فلو كانت ضعيفة فظاهر أن ذلك في هذه الحالة تكون علامة موت عاجل، وذلك بأن تكون في غد ذلك اليوم. واعلم أن العمدة في إثبات هذه الأحكام هو على الاستقراء والتجربة، وما نذكره فهو تعليل للواقع وتقريب له إلى العقل لا أنه برهان موجب لاعتقاده من غير تجربة. وقد علمت أن قوله: "خرجت" يمنع أن يكون ذلك عن شرب دواء، وكونه مرة أو بمنزلة الدم الأسود يمنع كون ذلك طبيعيا. وظاهر أنه لا يريد ما كان عن تناول صابغ فإن B ذلك لا حكم له. وظاهر أيضا أن ذلك لايكون عن بحران، لأن البحران لا يكون لمن أنهكه مرض حاد أو مزمن أو غير ذلك، فإنه لا يقال أنهكه إلا إذا كان قد فارق وبقى إضعافه للقوة وإحداثه الهزال. وأما ما دام المرض موجودا فإنه لا يقال في العرف (193) أنهكه المرض، بل يقال: إن مرضه صعب، أو قوي، أو مستولي على قوته، أو ما شابه ذلك؛ وإنما يكون البحران في المرض لا بعد مفارقته. وقوله: "أو بمنزلة الدم الأسود": إشارة إلى ما كان ذكره أولا، وهو البراز الأسود الشبيه بالدم، فيعلم حينئذ أنه أراد الدم الأسود، وذلك ما تأولناه. ووجه ترتيبه لهذه الفصول ظاهر فلا حاجة إلى الإطالة به.
[aphorism]
قال أبقراط: اختلاف الدم إذا كان ابتداؤه من المرة السوداء، فتلك من علامات الموت.
[commentary]
مخ ۱۸۹