الشرح: الغرض بتقديم هذا الفصل تأكيد الدلالة على وجوب الاستفراغ، وبيان ذلك: إن الحامل مع أنها تستعمل الغذاء لبدنين، بدنها وجنينها، وإذا زادت أخلاطها وجب أن تستفرغ، فغيرها بطريق الأولى حتى لا يكون لأحد أن يمنع وجوب الاستفراغ محتجا بأن ذلك تنقيص لمادة الغذاء الضروري، وذلك يوجب نقصان الغذاء وذلك إضرار. فإنا حينئذ نمنع كونه منقصا للغذاء، بل معينا على التغذية بإزالة الفضلة المانعة للطبيعة عن التصرف كما ينبغي، مع إزالة ما يتوقع من ذلك الضرر. وقد شرط في وجوب استفراغ الحوامل شرطين: أحدهما: أن تكون الأخلاط في بدنها هائجة، إذ لو كانت ساكنة لرجونا المدافعة بذلك إلى أن تلد. وثانيهما: أن يكون ذلك بعد الشهر الرابع وقبل السابع، لضعف تعلق الجنين بالرحم فيما قبل ذلك الوقت وبعده، كحال الثمرة في ابتداء A نشوئها وبعد إيناعها. وهذان الشرطان مختصان بوجوب استفراغ الحوامل، وأما باقي الشروط كالامتلاء والقوة وغير ذلك فيعم استفراغ جميع الأبدان؛ فلهذا لم يتعرض لها هاهنا. والإشارة بقوله: ويكون التقدم على هذا أقل. هو إلى استفراغ الحوامل، أي: وينبغي للطبيب أن يكون إقدامه على هذا الاستفراغ أقل، بل ينبغي للطبيب أن لا يقدمعلى علاج الأمراض التي يكون العطب فيها أكثريا البتة، لأنه يعرض نفسه لسوء الثقة به، إذ الغالب من أحوالها أن يعقب العطب. ولا يجوز أن تكون هذه الإشارة إلى زمان ما بين الرابع والسابع لوجهين: أحدهما: أن النهي عن التقدم ليس بأولى من النهي عن التأخر. وثانيهما: أنه كان يكون قوله: "وأما ما كان أصغر من ذلك أو أكبر منه، فينبغي أن يتوقى عليه" تكرارا قبيحا.
[aphorism]
مخ ۱۶۹