شرح فصول ابقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرونه
* بسم الله الرحمن الرحيم
* قال مولانا الإمام العالم الحكيم الفاضل علاء الدين أبو الحسن بن النفيس بن أبي الحرم القرشي أدام الله تعالى تأييده: إن (1) * ما قد سلف من شروحنا لهذا الكتاب فإن نسخه تختلف بحسب اختلاف أغراض الطالبين، وهذه النسخة إنما نتبع فيها ما نراه لائقا بالشروح ورائقا في التصنيف. وأما نصرة الحق وإعلاء مناره، وخذلان الباطل وطمس آثاره، فأمر قد (2) التزمناه في كل فن، والله يوفقنا لذلك بكرمه ومنه (3).
[المقالة الأولى]
[aphorism]
قال أبقراط: العمر (4) قصير، والصناعة طويلة، والوقت ضيق، والتجربة خطر (5)، والقضاء عسر؛ وقد ينبغي لك أن لا تقتصر على توخي (6) PageVW0P001A فعل ما ينبغي دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك، والأشياء التي من خارج.
[commentary]
الشرح: العمر هو مدة الحياة، وقد برهنا في كثير من كتبنا على تناهيه، وأما تحديده وقصره فلم نقف لهما على برهان لمي، لكن PageVW2P002A الاستقراء دل على أن غالبه ما بين ستين وسبعين سنة، وأنه لا يتجاوز مائة وعشرين (7) سنة إلا نادرا. والصناعة ملكة نفسية يقتدر بها على استعمال موضوعات نحو غرض من الأغراض على سبيل الإرادة صادرة عن بصير بحسب الممكن فيها. ومراده بالصناعة (8) الطب، لأن الألف واللام ههنا إنما يمكن أن تكون للعهد. وإنما كان الطب (9) طويلا لأن مسائله تتغير بتغيرات أبداننا وهي متجددة (10) على اللحظات ضرورة استمرار التحلل والتغذي، ويلزم ذلك (11) تغير الكم والكيف. والطول والقصر قد يقالان بالإضافة (12) وقد يقالان مطلقا، كقولنا: إن الزمان طويل، وهو المراد ههنا، * فإن العمر قصير في نفسه والطب طويل في نفسه، PageVW0P001B ويلزم (13) ذلك أن يكون كل واحد منهما كذلك (14) PageVW1P001A بالنسبة إلى الآخر. وقيل: المراد أن العمر قصير بالنسبة إلى الصناعة، والصناعة طويلة في نفسها، وهو ظاهر كلام جالينوس، وما ذكرنا أكثر PageVW2P002B فائدة. ومراده بالوقت الزمان الذي يتمكن الإنسان من صرفه إلى الاشتغال بالصناعة، وعبر عنه بالوقت لإفراط قصره. وقيل: مراده الزمان الذي يمكن بقاء البدن فيه على حاله، ويتجه ذلك إذا كان المراد الدلالة على طول الصناعة. وأما خطر التجربة فلشدة (15) قبول أبداننا (16) للفساد، مع شرفها. والتجربة امتحان فعل ما يورد على البدن، إما لتحقيق دلالة القياس، كما (17) إذا دل قياس على برودة دواء، فأردنا تحقيق (18) ذلك بامتحانه، أو بغير (19) ذلك، فيكون الخطر أشد. وأما عسر القضاء، والقضاء هو الحكم، فقيل: أراد الحكم على المريض بما يؤول إليه أمره (20) من صحة أو عطب. وقيل: أراد الحكم بموجب التجربة. وقيل: أراد بالقضاء القياس، وعبر عنه بالقضاء لأنه يلزمه القضاء بموجبه، ويكون الغرض بذلك الدلالة على صعوبة درك هذه [C5DK4 2a] الصناعة؛ لأن اكتسابها إنما يتم بالتجربة وهي خطرة، وبالقياس وهو عسر. PageVW2P003A وأما باقي الكلام فقد قيل: هو فصل مستقل. وقيل: الجميع فصل واحد. قال جالينوس: سواء كان الكل فصلا واحدا أو فصلين، فليس الباقي على نهج الأول، إذ الأول أخبار، والثاني مشورة. أقول: إن ظاهره وإن كان مشورة فليس المقصود به المشورة، بل أن يبين به صعوبة استعمال هذه الصناعة، كأنه قال: ومع كون هذه الصناعة طويلة، والعمر يقصر عنها، والوقت الذي تستحصل فيه ضيق واكتسابها بالتجربة خطر وبالقياس عسر؛ فاستعمالها عسر أيضا، إذ لا يكفي فيه الاقتصار على فعل ما يفرغ العمر في تعلمه، بل يحتاج مع ذلك [L4 1b] إلى مراعاة أمور غير مضبوطة، كشهوة المريض وأخلاقه، وحال من يحضره من الخدم والعواد، وغير ذلك حتى قد (21) يحتاج الطبيب في مراعاة هذه إلى خروج عن موجب الصناعة، كما إذا علم أن المريض، لقوة شهوته أو لسخافة عقله، لا يقتصر على قدر الواجب من الغذاء، وإذا لم (22) PageVW2P003B يصف له [C5DK4 2b] أزيد من ذلك أقدم على أغذية رديئة مضرة (23)، فيجب عليه حينئذ الزيادة على مقتضى الصناعة. فإن قيل: جرت العادة في أوائل الكتب أن تمدح الصناعة ويرغب فيها، وكلام أبقراط ينافي ذلك. أجاب بعضهم بأن مراد أبقراط الصد عن تعلم الطب وهو قبيح، وقيل بل إقامة عذره في تصنيف الكتب لأن عمر الإنسان لا يفي بابتداع الصناعة الطويلة. وقيل: بل إقامة عذره في تصنيف هذا الكتاب فصولا، ليكون أسهل ضبطا. وقيل: بل إقامة عذر الطبيب إذا أخطأ. وقيل : بل ليحث المتعلم. وقيل: بل ليمتحن همة (24) الطالب، والكل حسن.
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ