283

البحث الأول:

في الصلة، وذلك من وجهين. أحدهما أن الفصل الأول الماضي لما (939) تضمن (940) حكم ميل المواد إلى الأسافل وميلها إلى أسفل تارة يكون خروجها بالإسهال وتارة يكون بانبعاث الريح وتارة يكون PageVW5P105A بالإدرار، ذكر في هذا الفصل بحرانا يكون بالبول وثانيهما أن الفصل الماضي يتضمن الكلام في بحارين الأمراض التي موادها غليظة وهذا يتضمن تلك، ولذلك ذكر الخراج والبول والرعاف. وذلك لأن المادة إن كانت غليظة جدا ومائلة إلى البرودة وكانت المفاصل ضعيفة، حصل منها عند دفع الطبيعة في أول (941) البحارين خراج. وإن كانت المادة دون تلك في الغلظ والبرودة خرجت بالبول وإن كانت دون تلك في الغلظ وهي مع ذلك مائلة إلى الحدة، خرجت بالرعاف وقد عرفت علامة ميل المادة إلى أحد هذه الجهات حيث ذكرنا البحران فيما تقدم.

البحث الثاني

(942): قوله من يتوقع له أن يخرج به خراج في شيء من مفاصله، أقول: الخراج بحران ناقص. وهذا البحران له سبب فاعل وسبب قابل. فالفاعل عجز الطبيعة البدنية عن دفع المادة المرضية عن جملة البدن. وذلك إما لغلظ قوامها وإما لكثرة مقدارها. والقابل ضعف المفاصل، وذلك لتقدم حركة متعبة أضعفتها وأوجبت لها إعياء كما قال أبقراط فيما تقدم وإن كان قد تقدم فأتعب عضوا (943) من الأعضاء ففي ذلك العضو يتمكن المرض أي مادة المرض لا سيما والمفاصل متهيئة لذلك من وجوه أخر: كثرة حركتها ووجود التجويف فيها وكون أكثرها موضوعا في أسفل البدن. فمن كان قد أتعب عضوا من الأعضاء ثم حصل له مرض عن مادة غليظة ثم حصل له بحران ناقص فإن كثيرا ما يبحرن بخراج (944) فهذا معنى قوله من يتوقع له أن يخرج به خراج في شيء من مفاصله.

البحث الثالث:

قال جالينوس الخراج يحدث في المفاصل فيمن أتعب مفاصله قبل المرض وفيمن أصابه PageVW5P105B إعياء PageVW1P126A في نفس مرضه على أي وجه كان. وفيمن يطول به المرض من قبل كثرة المادة الغليظة. وهذا الحكم من جالينوس صحيح فإن كل واحد من هذه الثلاثة علة لحدوث الخراج في المفاصل. أما الأول والثاني، فظاهران. وأما الثالث، فإن المرض إذا طالت مدته لغلظ مادته وكثرتها ثم جاء وقت البحران، فإن الطبيعة إذا عجزت عن دفعها عن جملة البدن، دفعتها إلى أقبل المواضع لها وتلك هي المفاصل على ما ذكرنا غير أن الطبيعة إن (945) قويت في وقت الدفع، دفت المادة المزمعة لإحداث الخراج، وأخرجتها بالبول لأن المادة الخارجة بالبول قريبة الشبيه من المادة الموجبة للخراج. فلذلك جعل دفعها بالبول عند زيادة قوة الطبيعة عما (946) كانت، ولأجل هذا قال وقد يتخلص من ذلك ببول كثير غليظ أما الكثرة فلاتجاه المواد والمحدثة للخراج إلى جهة المثانة * فيزيد في مقدار البول. وأما الغلظ المادة الندفعة إلى جهة المثانة (947) ومراده بالغلظ هاهنا الاعتدال في القوام، فإن القوام المعتدل غليظ بالنسبة إلى الرقيق وصار قوامه معتدلا. وذلك لأن خروجها بالبول لدفع الطبيعة وذلك لا يتم إلا بعد الإعداد للدفع وهو الاعتدال. وفي بعض النسخ أنقص وهو حق فإن البول المذكور يلزمه من الألوان البياض على ما عرفت.

البحث الرابع:

قوله كما قد يبتدئ في اليوم الرابع، قال جالينوس ذكر أبقراط اليوم الرابع ههنا على سبيل المثال، ونقيس عليه سائر أيام الإنذارات. أقول وإنما مثل به لأنه أول الإنذارات. قال (948) ابن أبي صادق PageVW5P106A إن الحمى متى كانت قوية الحرارة وكنا نتوقع خراجا يحدث في بعض المفاصل فإن حرارة الحمى تذيب المادة وتدفعها الطبيعة إلى جهة المثانة ويخرج بالبول ويكون غليظ القوام كثير المقدار أبيض اللون لأنه عن استيلاء الطبيعة على الدفع لا للكثرة ويكون ابتداء الخروج في اليوم الرابع لأنه يوم إنذار على ما عرفت. واعلم أن الحق في هذا الموضع مع الفاضل جالينوس وذلك لأن اليوم الرابع أقصر الإنذارات فإذا أسرعت الطبيعة فيه بالدفع، دل ذلك على استيلائها عليها في أول المرض. وذلك ينافي حدوث البحران الخراجي لأنه يكون لضعف القوة ولغلظ المادة وبالجملة قلة مطاوعتها للدفع ولذلك صار يتأخر حدوثه. وكيف لا يكون كذلك (949) وذكره الرابع على سبيل المثال وقد عبر عنه بعبارة تعطي هذا المعنى وهو قوله كما قد يبتدئ في اليوم الرابع فإن كما في قوة قولنا مثل ما ولو كان أراد به غير التمثيل لكان قال يبول بولا كثيرا أبيض يبتدئ في اليوم الرابع.

البحث الخامس:

قوله في بعض من به حمى معها إعياء معناه أن خروج المادة التي كنا نتوقع منها حدوث الخراج بالبول الكثير الغليظ الأبيض يوم من أيام الإنذارات يكون ذلك في بعض الحميات التي يكون معها إعياء وهي الحميات التي موادها مائلة إلى اللطافة وحرارتها مائلة إلى القوة وكذلك حال القوة فإن غالب الأمر أن الحميات التي موادها غليظة وقد حصل معها إعياء في المفاصل بحرانها يخرج وفي بعض النسخ من به حمى معها إعياء بزيادة الواو، ويكون تقدير الكلام PageVW5P106B على هذا النسخة أن من يتوقع أن يخرج به خراج في مفاصله فقد يتخلص من ذلك الخراج ببول كثير غليظ أبيض كما قد يبتدئ في اليوم الرابع. وكذلك حال بعض من به حمى معها إعياء فإن يتخلص من خراج يحدث به بسبب إعيائه (950) ببول كثير يبوله كما قد يبتدئ في الرابع وقال في الصورة الأولى فقد يتخلص فعبر بلفظة قد وفي الثانية بعض ولم يقل كل لأن في الأول الخلاص من الأمراض التي يتوقع بحرانها يحدث خراج بدفع المادة بالبول المذكور يكون (951) قليل الوقوع لأن ذلك إنما يأتي من قوة القوة ولطافة المادة المزمعة بحدوث الخراج. وذلك مناف لحدوث البحران الخراجي. فإن ذلك يكون لتراخي القوة وغلظ المادة وكثرة مقدارها وغلظ قوامها وفي الثانية كذلك فإن الخلاص من حدوث الخراج في الحميات التي يكون (952) معها إعياء في المفاصل ببول على الصفة المذكورة يكون قليل الوقوع وعند كون القوة قوية والمادة المرضية لطيفة ومع ذلك فإن دفع هذه المادة مع قوة القوة إلى جهة المثانة بالبول مع ضعف المفاصل وقبولها لانصباب المادة قليل الوقوع فلذلك عبر ببعض ولم يقل كل.

ناپیژندل شوی مخ