249

البحث الثاني:

قوله غير مفارقة يريد به أن تكون لازمة مع حدوث النافض. ولا شك أن هذا مع ضعف القوة دليل على الموت لأنه لم يكن به بحران إذ ليس الحمى تفارق معه فهو من أحد أمرين، إما عن سقوط القوة وعدم المسخن للمواد التي هي الحرارة الغريزية فتسيل الرطوبات بذاتها إلى الأعضاء وقد بردت بانطفاء الحرارة الغريزية. ولا شك أن ذلك دال على الموت. وإما لكثرة المواد الرديئة جدا ورشحها من العروق على الأعضاء الحساسة فتوجب النافض. وذبك مع ضعفها دليل مهلك لأن المواد الرديئة إذا كانت كثيرة لم يمكن أن تنضج أو تستفرغ إلا بقوة قوية. فإذا كانت ضعيفة استولت عليها المواد وقهرتها وكان (476) الموت (477).

البحث الثالث:

النافض حركة تحصل للبدن من غير طبيعية السابق فيها القوى النفسانية المتمم (478) لها القوة الطبيعية لمواد حادة تؤذي الأعضاء الحساسة. وهي (479) ينقسم عند الأطباء إلى أربعة أقسام أولها نافض منذر بإتيان الحمى. وذلك كما في الحميات الدائرة فإن مواد هذه الحميات إذا دامت الاجتماع والانصباب إلى ممستوقد العفونة ومرت بالأعضاء الحساسة فإنها تؤذيها وتنكيها وتلذعها. وعند ذلك تهرب الحرارة الغريزية منها والقوى إلى * الباطن أي (480) باطن البدن فيبرد الظاهر وتحصل القشعريرة ثم أن طبيعة ذلك العضو يتحرك لدفع نكاية المادة المذكورة فإذا كمل انصبابها إلى ذلك المستوقد ثم اشتعالها قويت الحرارة وسرت إلى جميع PageVW5P051A البدن وتبدل البرد بالحر . ثم أن هذه الحركة تختلف باختلاف المواد الموجبة لها. فذهب صاحب الكامل إلى أنها في الحمى الصفراوية أقوى منها في البلغمية. * قال: ذلك لأن المادة الموجبة لتلك الحركة كلما كانت أحد وأشد لذعا كانت أذيتها للعضو المارة به أبلغ وعند ذلك تكون حركة العضو لدفعها أقوى ولا شك أن الصفراء أحد من البلغم وأشد لذعا فتكون الحركة في الحمى الصفراوية أقوى منها في البلغمية (481). وذهب الشيخ الرئيس إلى أن هذه الحركة في الحمى البلغمية أقوى منها في الصفراوية على ما صرح به في الكتاب الرابع من القانون حيث تكلم في الحميات. قال: وذلك لأن المؤذي كلما كان أشد استمساكا بالعضو كانت حركة ذلك العضو لدفعه أقوى مما إذا كان المؤذي خاليا من ذلك. ولا شك أن البلغم لزج بخلاف الصفراء فتكون الحركة المذكورة في البلغمية أقوى منها في الصفراوية. والحق عندي ما ذهب إليه صاحب الكامل. و ذلك لأن حركة العضو لدفع المؤذي بحسب أذية المؤذي له. ولا شك أن المؤذيان في الصفراء العفنة أكثر منها في البلغم، فإن فيها من الحدة واللذع وقوة الحركة أكثر مما في البلغم العفن. وأما البلغم ففيه اللزوجة فقط وحرارته أقل من حرارة الصفراء. وأما السوداء فإن القعشريرة فيها أقوى من النافض. وذلك لبرد المادة وغلظ قوامها وبطؤ جريانها. هذا في مبادئ الأمر فإذا أخذت مادتها ترق وبردها ينكسر بالنضج قوي النافض فيها ونقصت القشعريرة. ولذلك صارت قوة النافض أجود فيها من ضعفه، والحمى الصفراوية بالعكس. وذلك لدلالة PageVW5P051B ذلك على نضج المواد السوداوية ورقة قوامها وسرعة جريانها PageVW1P111B ونضج المواد الصفراوية وغلظ قوامها وهدوء حركتها. وثانيها نافض منذر بإقلاع الحمى وذلك كما في الحميات الدائمة فإن الطبيعة عند ما تستولي على مادتها تفتح أفواه العروق وتخرجها إلى خارج وعند ذلك تمر بأعضاء حساسة فيحصل منها ما ذكرناه. وسنتكلم في هذا النوع من النافض فيما بعد. وثالثها نافض لا تعقبه حمى وذلك كما إذا استولى على البدن بلغم زجاجي خال من العفونة فإنه إذا مر بأعضاء حساسة، أذاها لأنه مناف لها وعند ذلك يتشمر لدفعه ويحصل منه ما ذكرنا غير أنه لا تعقبه حمى لأنه خال من العفونة. رابعها نافض منذر بالموت كما ذكر الإمام (482) أبقراط في هذا الفصل وقد عرفته (483).

47

[aphorism]

قال أبقراط: في الحمى التي لا تفارق النخاعة الكمدة والشبيهة بالدم والمنتنة والتي هي من جنس المرار كلها رديئة فإن انتقضت انتقاضا جيدا فهي محمودة وكذلك الحال في البراز والبول فإن خرج ما لا ينتفع بخروجه (485) من أحد هذه المواضع فذلك رديء. (484)

[commentary]

الشرح هاهنا مباحث خمسة.

البحث الأول

ناپیژندل شوی مخ