شرح فصول ابوقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرونه
البحث الخامس
(24) : هل كل واحد من المنيين فيه قوة عاقدة وقابلة للعقد أو العاقدة خاصة بمني الذكر والمنعقدة بمادة الأناث؟ ذهب جالينوس إلى القول الأول غير أنه يقول إن العاقد في الذكر أقوى والمنعقد في الأنات أقوى. وهذا القول مخالف لما يقتضيه العقل. وذلك أنه لو كان الأمر كذلك للزم أن يكون كل واحد من المنيين كافيا في التوليد ويلزم من هذا أنه إذا سبق ماؤها لماء الرجل أن يحتوي عليه الرحم ويتصور منه جنين من غير أن تحتاج إلى ماء الرجل. فإن قيل إن مني المرأة وإن كان فيه قوة عاقدة غير أنها ضعيفة لا تكفي في التصوير فاحتاج في ذلك إلى مني الرجل، فنقول له القوة العاقدة التي في مني المرأة هل يفعل فعلا أم لا. فإن قال إنها تفعل فعلا، فنقول له فعلها على قدر قوتها بمعنى أنها متى كانت قوية كان فعلها قويا ظاهرا، ومتى كانت ضعيفة كان ضعيفا خفيا، فيفرض الكلام عند فعلها قوية، ويلزم من ذلك ما ذكرناه وهو محال. وإن لم تفعل فعلا لم تكن قوية لأنه لا معنى للقوة عنده إلا الفاعلة للفعل، وكيف لا ومذهبه أنه حيث كانت القوة فهناك الفعل الصادر عنها خلافا للفيلسوف.
البحث السادس
(25) في كيفية تكون الجنين: قال الحكماء والأطباء: الرحم حيوان مشتاق بالطبع إلى المني ويدل على هذا ما ذكرناه من أمر الجماع عند بقائه وبعد عهده بالمجامعة من امتصاصه للمني وأبلغ من هذا ما نراه يحصل له في * معالجته (26) عند ميلانه عن محاذاة الفرج. PageVW5P164B فإن الأطباء اتفقوا على أن هذا القدر يحصل له بوضع الأراييح الطيبة بقربه والمنتنة بقرب من المنخرين، فإنه في مثل هذه الصورة ينفر من المنتنة ويطلب الطيبة بحيث أنه يرجع إلى موضعه الطبيعي على ما دل عليه الاستقراء الطبي. فإذا وقع فيه المني احتوى عليه * احتواء (27) المحب على المحبوب، وحينئذ يتولى تدبيره القوة المغيرة الأولى بإذن خالقها، ويعرض له من * ذلك (28) في هذا الوقت غليان وزبديه تندفع إلى الوسط مكان القلب ثم يصير فيه آخر بأن إحداهما في أعلاه مكان الدماغ والأخرى عن يمينه مكان * الكبد (29) ثم بعد ذلك تجري فيه الدموية ويصير علقة ثم يحمر لونها أكثر من ذلك وتصير مضغة ثم تتميز أعضاء بعضها عن بعض ولكل واحد من هذه التغيرات مدة قد حكم بها أرباب التجارب والمباشرون لهذا الفن، فكل منهم حكم بما اتفق له فقالوا مدة الرعوة ستة أيام أو سبعة ثم إلى تمام الخامس عشر أو السادس عشر من أول العلوق تصير النطفة علقة. وربما تقدم ذلك بيوم أو يومين وبعد ذلك * باثني (30) عشر يوما تصير تلك لحمة وهي * المضغة (31) . وربما زاد بيوم أو بيومين وبعد ذلك بتسعة أيام ينفصل * الرأس (32) عن المنكبين والأطراف عن الأضلاع ثم يظهر في بعضها ويخفى في البعض إلى تمام الأربعين. وفي النادر يتأخر إلى خمسة وأربعين يوما، وفي الأقل ثلاثين يوما. قيل إنه لم يوجد في الإسقاط ذكر ثم تكونه قبل ثلاثين يوما وأنثى قبل أربعين يوما. فإن قيل: فإذا * كان (33) تكون الذكر يسبق تكون الأنثى فلم لا يسبقها في الولادة فإن الولادة الطبيعية حاصلة عند كمال الخلقة وقد دل الاستقراء أن زمان الولادتين في * وقت (34) واحد وأن مدة الحبل بالأنثى كمدية بالذكر، فنقول: الجواب عن هذا أنه قد عرفت أن خلقة الذكر أتم من خلقة الأنثى والخلقة حركة وهي محتاجة إلى زمان فزيادة زمان * تمام (35) خلقة الذكر تجبر نقصان زيادة تكون الأنثى، وزيادة زمان تكون الأنثى تجبر نقصان الزمان الحاصل لنقصان الخلقة في الذكر فتساوي زمان الحمل والولادة فيهما.
البحث السابع
(36) في المتكون أولا من الأعضاء: PageVW1P098A * اختلف (37) الأطباء والفلاسفة في هذا المطلب. فذهب الإمام أبقراط إلى أن المتكون أولا من الأعضاء الدماغ واحتج عليه بما شاهده من فراخ البيض، فإنه أول ما * رأى (38) يتكون منها أدغمتها. وذهب * أرسطوطاليس (39) إلى أن المتكون أولا فقرات الظهر. قال: وذلك لأنها أساس البدن والأساس متقدم على ما هو أس له * قياس (40) على البناء في الخارج. وأما أن فقرات الظهر أساس للبدن فلأن أعضاءه مبنية عليه ولذلك قيل إن نسبتها إليها * نسبة (41) الخشبة التي تنصب في السفينة أولا إلى ما يعمل عليه من أضلاعها وغيرهما. وذهب أرسطو إلى أن المتكون أولا القلب محتجا بأن تكوين اللطيف أسهل من تكوين الغليظ، والطبيعة من شأنها أن تبتدئ في التكوين بالأسهل ثم بالأصعب، فأول فعلها في النطفة عند وقوعها في الرحم في الأرواح التي فيها ثم إذا كونتها لا ينبغي الإهمال * بأمرها (42) بل يكون لها عضوا يحصرها ويجمعها ويمنعها من التبدد والتلاشي. وهذا العضو يجب أن يكون صلب القوام ليكون أبلغ في الحصر والمنع وأن يكون مستدير الشكل ليبعد عن قبول الآفات وأن يكون PageVW5P165A في الوسط ليكون بعده عن جميع جوانب البدن على السواء والقلب بهذه الصورة. وذهب محمد بن زكريا الرازي إلى أن المتكون أولا هو الكبد محتجا بأن المني في أول الكون في غاية القلة فهو محتاج إلى شيء يغذيه ويزيد فيه، وذلك هو القوة الغاذية والنامية * فالعضو (43) الذي هو مبدأ لهما هو المتكون أولا وهو الكبد. واعلم أن الحق في هذه المذاهب جميعها مذهب أرسطو، وذلك لأن المعد لقبول آثار الحياة القوة الحيوانية، وإذا كان كذلك فكيف يتصور أن يتقدم العضو القابل للآثار على العضو الذي هو المعد فلا يجوز أن يقال إن الدماغ يتقدم تكونه تكون القلب. وأما أمر الفقرات فقد أثبتنا في شرحنا لكليات القانون أن القلب هو الأصل في وجود بالبدن لأنه مبدأ لجميع القوى ولآلات تلك القوى وبه تتقلق النفس الناطقة أولا. وإذا كان حاله كذلك كيف يجوز أن يتأخر في * التكون (44) ما هو محتاج إليه في التقدم، وما ذكره الرازي فهو فاسد فإنه كيف يتصور أن العضو يغتذي ما لم يكن حيا فالحياة متقدمة على التغذية فعضو الحياة متقدم على عضو التغذية فالقلب متقدم على الكبد في التكون. فإن قال إن الحياة مصاحبة للمني من الأبوين فاستغنى عن تقدم تكون * عضوها (45) . وأيضا فإنه قد ثبت بالأدلة القاطعة على ما ذكرنا في شرحنا لكليات القانون أن القلب القضو الرئيس على الإطلاق وأنه مبدأ لجميع القوى. وإذا كان كذلك فإذا احتاج المني إلى ما يخلف عليه عوض المتحلل منه فهو موجود فيه، فنقول الخصم والعضو الذي هو مبدأ للقوة الغاذية يجب أن يكون متقدما في التكون غير * صحيح (46) .
البحث الثامن
(47) في حال الجنين عند تعلق النفس الناطقة به: نقول: قد ثبت في غير هذا الفن أن القاسر * والجامع (48) لأجزاء العناصر في المني هو النفس الناطقة ثم أورد عليه بحث فقيل قبل تعلق النفس به ما الموجب لاجتماع تلك الأجزاء في المني. قيل نفس الأبوين إلى أن يفاض عليه نفسه ثم يتولى تدبيره وحفظ أجزائه وفي هذا كلام آخر قد ذكرناه في شرحنا لكليات القانون فلنبحث عن حاله في هذا الوقت هل هو كاليقظان أو كالنائم أو كالسكران أو كالمسبوت أو كالنبات؟ فنقول: لا جائز أن يكون يقظان لأنه معطل للحواس آلة الحركة واليقظان مستعملها ولا نائما لأن النوم وإن كانت الحركة الإرادية فيه معطلة غير أن حواسه الناطقة باقية ولا كالسكران فإن السكران حركاته قوية ظاهرة ولا كالنبان فإن النبات عادم مبدأ الأحساس أصلا فبقي أن يكون حاله كالمسبوت فإن طبيعته تستدعي النوم ولذلك صار عند خروجه يبكي لأنه كان * كالنائم (49) ثم استيقظ.
البحث التاسع
(50) في بيان ما يحيط به من الأغشية وهيئة قعوده في * بطن (51) أمه الجنين: عند تكوينه في جوف أمه يحيط به ثلاثة أغشية أحدها المشيمي والثاني الشفاء ويسمى اللفائفي والثالث السلاء. فالمشيمي متولد من المني عند ما يقع في الرحم فإنه يتولد من سطحه الذي يلاقيه كما يتولد الخبز المختبز من النساء على الطابق، والأقرب أن هذا الغشاء متكون من مني الأنثى لأنه أقرب إلى سطح الرحم وأوفر مقدار ثم أنه إذا تكون تبرأ عن بعض سطوح الرحم، وبقي متعلقا بالمواضع الخشنة منه المسماة بالنقر وهي أفواه PageVW5P165B الشرايين والأوردة، وحينئذ يصير المني في مثل هذا الوقت كالبيضة التي لم يعلها القشر الخارج. وقد شوهد هذا في امرأة كانت راقصة في زمان أبقراط فإنها رقصت في اليوم السادس من أول علوقها رقصا عظيما فسقط من رحمها * شيء (52) كأنه * البيضة (53) التي لم يعلها قشر من * خارج (54) ثم أن الصانع تعالى * جل (55) ذكره وتقدس اسمه يكون داخل هذا * الغشاء (56) في جرمه شرايين وأورده ثم أن الشرايين تتصل بأفواه الشرايين المغضية إلى الرحم والأوردة بأفواه الأوردة المغضية أيضا إلى الرحم وفي الشرايين تنفض الروح والنسيم إليه من أمه وفي الأوردة ينفذ إليه الغذاء من أمه أيضا ثم أن PageVW1P098B الشرايين تجتمع إلى شريانين ويدخلان في سرة الجنين. قال المتأخرون: ثم يتحدان شريانا واحدا. وأما جالينوس فإنه قال في خامسة عشر المنافع إنهما لا يتحدان بل يدخلان في سرة الجنين وهو الحق ومتى تجاوز السرة انحرفا عن محاذاة الصلب إلى أسفل قليلا ثم يتصلان بالشريان المتشعب من * الأبهر (57) . وأما الأوردة فإنها تجتمع إلى وريدين ويدخلان سرة الجنين ثم يتحدان ويصيران وريدا واحدا ويتصل بمقعر الكبد فيصب فيها الدم النافذ إليها ويطبخه كبد الجنين طبخا ثانيا ثم هي تنفذه إلى جهة الأعضاء ويغتذي به. وأما اللفائفي فهو متكون داخل هذا الغشاء يجتمع فيه بول الجنين في مجرى يدخل في سرة الجنين ويتصل بمثانته ينصب فيه البول ويجتمع أيضا فيه برازه. وأما * السلاء (58) فهو غشاء متكون داخل هذا الغشاء يجتمع فيه عروق الجنين وهذه الفضلات جميعها تجتمع إلى وقت الولادة وتخرج معه وهي التي تعينه على الخروج بالإزلاق. ولذلك متى سبق خروجها لخروج الجنين اشتد الطلق وتعذر خروج الجنين وفي هذه الأغشية كلام طويل * قد (59) بسطناه في شرحنا لكليات القانون. وأما هيئة قعوده في بطن أمه فإنه يكون معتمدا بوجهه على ركبتيه وراحتيه تحت وجهه وأنفه بين ركبتيه وعيناه على راحتيه وظهره إلى جوف أمه على أن قوما قالوا إن نصبة الأنثى على خلاف ذلك وهو أن ظهرها على ظهر أمها وجوفها إلى جوف أمها وقد شهد * بهذا (60) جماعة من القابلات ممن يعتمد على قولهن وفي هذه الهيئة أيضا كلام طويل قد ذكرناه في شرح * الكليات (61) .
ناپیژندل شوی مخ