شرح فصول ابقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرونه
[commentary]
قال عبد اللطيف: الجوع يطلق على ما كان بإرادة الإنسان وعلى ما يكون بغير إرادة PageVW0P028A كما يعرض في القحوط ويخص ذلك باسم المجاعة، فيقول أبقراط في إبيذيميا: إن أهل أثينس (68) لما أكلوا الحبوب في الجوع أصابهم ضعف في أرجلهم، يريد به القحط والمجاعة. وأما قوله: "إذا كان لحمه رطبا فينبغي أن يعالج بالجوع فإن الجوع يجفف"، فإنه يريد به (69) الحمية، والتقلل وبالجملة فهو يسمى كل ضيق شديد في الطعام PageVW2P030B جوعا، اختيارا كان أو اضطرارا، وهذا الفصل عام في كليهما، وهو أيضا عام في تدبير الأصحاء والمرضى. فقوله: "متى كان بإنسان جوع". أي من كان مزمعا ألا يأكل فلا ينبغي أن تشير عليه (70) باستعمال شيء من التعب في ذلك اليوم الذي يمتنع فيه من الطعام، وإلا فصح أن يضم أول "يتعب" ويبنى الفعل لما لم يسم فاعله، ليكون النهي عن التعب المنسوب إلى مشورة (71) الطبيب وإرادة المريض ألا يرى أن ما يقع ضرورة وقسرا فليس إليه النهي عنه. وإن فتحت الياء وبني الفعل للفاعل فالمعنى: أنه لا يصلح له التعب على كل حال فيكون حكما أعم من الأول. وينبغي أن يفهم من التعب الحركة القوية الشديدة التي هي لكل بدن ما يليق به، فالتعب للأصحاء هو الذي يسميه أبقراط الرياضة، وذلك في قوله: ينبغي أن يتقدم التعب الطعام، فلا ينبغي أن يؤمر الأصحاء بالرياضة مع ترك الطعام، ولا يعالج PageVW1P025B المرضى بشيء مما يحرك أبدانهم حركة قوية مع ترك الطعام لا بفصد ولا بإسهال (72)، ولا باستفراغ بقيء ولا بدلك (73)، وبالجملة لا يحرك البدن حركة قوية أصلا فإن القوة عند هذه الحركات كلها PageVW3P034A تخور وتنحل إذا لم ينل البدن غذاء، صحيحا كان البدن أو سقيما، وأبقراط يحرص دائما بجهده أن تكون القوة المدبرة لبدن الحيوان قوية، ولا فرق بين أن يقول قوة أو قوى، فقد قال أبقراط في كتاب الغذاء أن القوة واحدة، وليست واحدة تعني واحدة في الجنس، ولها أنواع شتى.
[فصل رقم 42]
[aphorism]
قال أبقراط: متى ورد على البدن غذاء خارج عن الطبيعة كثيرا، فإن ذلك يحدث مرضا، ويدل على ذلك برؤه.
[commentary]
قال عبد اللطيف: هذا الفصل يحتمل ثلاثة تفاسير: الأول يكون في الامتلاء من الغذاء الذي هو أكثر من احتمال القوة، وقد علمت أن الكثير يقال بالإضافة كالقليل ونحوه، والكثير يقال على الأبدان بنحوين: أحدهما بالقياس إلى PageVW2P031A سعة الأوعية. والآخر بالقياس إلى القوة التي بها تدبير الأبدان، وهذا المعنى هو المقصود في هذا الفصل فإن الإنسان (74) قد يملأ معدته من الغذاء بحيث تكاد تنفر ثم يستمرئه إذا اتفق أن كانت القوة الهاضمة PageVW0P028B قوية (75). وقد يتناول من الغذاء في بعض معدته ولا يستمرئه إذا كانت قوته الهاضمة ضعيفة. وهضم الغذاء يكون في ثلاثة مواطن: في المعدة، ثم في الكبد، ثم في الأعضاء. وهذا هو الغذاء الحقيقي لأنه هو الزائد في كمية الأعضاء بالفعل وهذا إنما يقال فيه أكثر وأقل بقياس القوة، فإذا استولت عليه القوة ونضج على ما ينبغي تغذي به البدن، وإذا لم تستول (76) عليه ولم تنضجه فسد وولد مرضا. وهذا الفصل يتضمنه فصل آخر يقول فيه: "لا الشبع ولا الجوع ولا غيرهما من الأشياء محمودا (77) إذا كان ذلك مجاوزا لمقدار الطبيعة. والثاني: أن يكون بحسب الملاءمة، فإن كل عضو له غذاء يلائمه يرد عليه ويغتذي به، فمتى ورد على العضو غذاء خارج عن طبيعته وكان كثيرا، أحدث ذلك مرضا. والثالث: أن يكون المراد بالغذاء الخارج عن الطبيعة، الذي خرج في مقداره بحيث جاوز - في الكم- الاعتدال (78) جدا. فالقول الأول يراد به الخروج عن الاعتدال بالقياس إلى جملة (79) البدن، والقول الثاني الخروج عن الاعتدال بالقياس إلى طبيعة عضو عضو، والثالث الخروج PageVW3P034B عن الاعتدال في الكم. والقول الأول هو الوجه. وقوله: "كثيرا" بالنصب على ما عليه سائر النسخ يكون على الحال، أي ورد على البدن في حال كونه كثيرا والعامل فيه ورد، وذلك أن الغذاء الخارج عن الطبيعة متى ورد على البدن قليلا لم يوجب إحداث المرض. وإنما الذي هو أحرى أن يحدث مرضا ما كان وروده كثيرا. ويجوز PageVW1P026A فيه النصب على أنه صفة مصدر محذوف، كأنه يقول: متى ورد على البدن غذاء خارج عن الطبيعة خروجا كبيرا (80) فإن ذلك يحدث مرضا PageVW2P031B لأن الخارج عن الطبيعة خروجا قليلا لا يوجب حدوث المرض. ويجوز أن يكون كثيرا صفة مصدر من ورد، كأنه يقول: متى ورد على البدن غذاء خارج عن الطبيعة ورودا كثيرا كأنه يقول مرارا كثيرة لأن الوارد مرة أو مرارا قليلة لا يوجب إحداث المرض؛ وهذه الأوجه الثلاثة كلها جيدة مختارة، لكن الأخير أقواها (81) في المعنى، فإن المواظبة على الإكثار من الغذاء الخارج عن الطبيعة قمين (82) بإحداث الأمراض، مع أنه يجوز في كثير الرفع على أنه صفة لغذاء، كأنه يقول: PageVW0P 29A متى ورد على البدن غذاء كثير خارج عن الطبيعة، فيكون الغذاء على هذا كثير المقدار خارجا عن الطبيعة معا فقد جمع رداءة الكيف والكم بخلاف ما إذا جعل حالا من خارج فإنه يكون به معنى واحد، وإذا جعل أيضا حالا من ورد كان له معينان أيضا الخروج عن الطبيعة وكثرة المرات. وقوله: "يدل على ذلك برؤه" أي برؤه بعد استفراغ ذلك الكيموس الزائد بالفصد إن كان الامتلاء من سائر الكيموسات بالسواء، أو بالإسهال والقيء إن كان الامتلاء بواحد منها. ومما يجري مجرى الفصد الحجامة على الكعبين والدلك والحمام والتجوع، لكن الاستفراغ بالتجوع هو بالعرض لأن ترك الطعام لا يستفرغ بنفسه وإنما هو على طريق التحليل الطبيعي فإذا لم يرد البدن شيء تحللت الكيموسات وتنقصت. وجالينوس يرى زيادة: "مما" أي (83) ومما يدل على ذلك برؤه. لأنه ليس هذا فقط يدل بل هو بعض ما يدل، وذلك أن مريضا يكثر (84) من الغذاء PageVW3P035A ووجد عقيبه ثقلا وحمرة لون وانتفاخ العروق توهمنا أن مرضه من الامتلاء وكثرة الأخلاط، فإذا استفرغ وانتفع بذلك صح عندنا ما توهمناه أولا. ويمكن أن يحتال لقول أبقراط ويقال: لا يحتاج إلى هذه الزيادة التي زادها (85) جالينوس من قبل أن الاستدلال على امتلائه PageVW2P032A ببرئه هي المصححة لسائر الدلائل المتقدمة؛ فلما كانت هي المصححة والتي هي أقوى من غيرها اعتمد عليها وجعلها كأنها ليس غيرها. واعلم أن الامتلاء هو كثرة الأخلاط، والأخلاط قد تكثر على القوة من غير أن تفسد، لكنه لا يمكن أن تلبث (86) على جودتها زمانا (87) طويلا، إلا أنا ننسبها إلى الكثرة مادامت لم يتبين فيها الفساد، فإذا نقصت عادت إلى الصلاح، فإن عمها الفساد لم يمكن أن تعود إلى حال الصلاح ولا تقدر الطبيعة أن تنضجه وتعيده دما محمودا. ومثال ذلك الأنبذة فإنه إذا ابتدأ فيها الفساد أمكن إصلاحها، فإذا صارت خلا خالصا لم يمكن إعادتها إلى حال الصلاح أصلا.
[فصل رقم 43]
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW1P026B ما كان من الأشياء يغذو سريعا دفعة، فخروجه أيضا يكون سريعا.
ناپیژندل شوی مخ