بقى شيء وهو أن ثبوت الفعل كذلك لا يستلزم نفى جواز الأقل فلا بد فيه من ضم الملازمة القائلة لو جاز الأقل لفعله مرة تعليما للجواز وتسلم وقد تمنع بأن الجواز إذا كان مستفادا من غير الفعل لم يحتج إليه فيه وهنا كذلك نظرا إلى الآية فإن الباء فيها للتبعيض وذلك لا يفيد نفى جواز الأقل فيرجع البحث إلى دلالة الآية ونقول فيه أن الباء للإلصاق وهو المعنى المجمع عليه لها بخلاف التبعيض فإن المحققين من أئمة العربية ينفون كونه معنى مستقلا للباء بخلاف ما إذا جاء في ضمن الإلصاق كما فيما نحن فيه فإن إلصاق الآلة بالرأس الذي هو المطلوب لا يستوعب الرأس فإذا ألصق فلم يستوعب خرج عن العهدة بذلك البعض لا لأنه هو المفاد بالباء وتمام تحقيقه فيما كتبناه على البديع في الأصول وحينئذ يتعين الربع لأن اليد إنما تستوعب قدرة غالبا فلزم وأما رواية جواز قدر الثلاث الأصابع وإن صححها بعض المشايخ نظرا إلى أن الواجب إلصاق اليد والأصابع أصلها ولهذا يلزم كمال دية اليد بقطعها والثلاث أكثرها وللأكثر حكم الكل وهو المذكور في الأصل فيحمل على أنه قول محمد رحمه الله لما ذكر الكرخى والطحاوى عن أصحابنا أنه مقدار الناصية ورواه الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله ويفيد أنها غير المنصور رواية قول المصنف وفي بعض الروايات قدره ودراية أن المقدمة الأخيرة في حيز المنع لأن هذا من قبيل المقدر الشرعي بواسطة تعدى الفعل إلى تمام اليد فإن به يتقدر قدرها من الرأس وفيه يعتبر عين قدره وقولنا عين قدره لأنه لو أصاب المطر قدر الفرض سقط ولا تشترط إصابته باليد لأن الآلة لم تقصد إلا للإيصال إلى المحل فحيث وصل استغنى عن استعمالها ولو مسح ببلل في يده لم يأخذه من عضو آخر جاز لا إن أخذه ولو بأصبع واحدة مدها قدر الفرض جاز عند زفر وعندنا لا يجوز وعللوا بأن البلة صارت مستعملة وهو مشكل بأن الماء لا يصير مستعملا قبل الانفصال وما قيل الأصل ثبوت الاستعمال بنفس الملاقاة لكنه سقط في المغسول للحرج اللازم بإلزام إصابة كل جزء بإسالة غير المسال على الجزء الآخر ولا حرج في المسح لأنه يحصل بمجرد الإصابة فبقى فيه على الأصل دفع بأنه مناقض لما علل به لأبي يوسف رحمه الله في مسئلة إدخال الرأس الإناء فإن الماء طهور عنده فقالوا المسح حصل بالإصابة والماء إنما يأخذ حكم الاستعمال بعد الانفصال والمصاب به لم يزايل العضو حتى عدل بعض المتأخرين إلى التعليل بلزوم انفصال بلة الأصبع بواسطة المد فيصير مستعملا لذلك بخلاف المصاب في إدخال الرأس الإناء وهذا كله يستلزم أن مد أصبعين لا يجوز وقد صرحوا به وكذا يستلزم عدم جواز مد الثلاث على القول بأنه لا يجزىء أقل من الربع وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لأنه إن أخذ الاستعمال بالملاقاة أو انتقلت البلة لزم ذلك لكنى لم أر في مد الثلاث إلا الجواز واختيار شمس الأئمة أن المنع في مد الأصبع والاثنتين غير معلل باستعمال البلة بدليل أنه لو مسح بأصبعين في التيمم لا يجوز مع عدم شيء يصير مستعملا خصوصا إذا تيمم على الحجر الصلد بل الوجه عنده أنا مأمورون بالمسح باليد والأصبعان منها لا تسمى يدا بخلاف الثلاث لأنها أكثر ما هو الأصل فيها وهو حسن لكنه يقتضى تعيين الإصابة باليد وهو منتف بمسئلة المطر
مخ ۱۹