169

شرح فتح المجيد للغنيمان

شرح فتح المجيد للغنيمان

ژانرونه

صفات أهل التوحيد الذين لا حساب عليهم
قال: (فقيل لي: انظر إلى الأفق) الأفق: هو أن تنظر أمامك أو يمينك أو شمالك أو خلفك فترى السماء وصلت إلى الأرض، فهذا الذي تشاهده يسمى الأفق، وفي رواية: (قيل لي: أنظر إلى الأفق.
فنظرت فإذا وجوه الرجال قد سدت الأفق، ثم قيل لي: أنظر إلى الأفق الآخر.
فنظرت كذلك.
فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب).
إلى هنا نهض رسول ﷺ فدخل منزله، وبقي الصحابة يتساءلون لحرصهم على الخير عن هؤلاء السبعين ألفًا، ويسأل بعضهم بعضًا: من ترى منهم؟ فمنهم من قال: لعلهم الذين صحبوا رسول الله ﷺ.
وهذا لأنهم علموا فضل الصحابة، وفضائلهم معلومة في كتاب الله وفي أحاديث رسوله ﷺ، ولكن ليس هذا خاصًا بالصحابة.
وقال بعضهم: لعلهم الذين ولدوا في الإسلام.
فيقولون: نحن كنا مشركين ووقع منا الشرك، أما أبناؤنا فقد ولدوا في الإسلام فلم يقع منهم شرك، فيجوز أن يكونوا هم، وذكروا أشياء، منها أنهم قالوا هم الشهداء.
وقد جاء هذا أيضًا، وهو أنهم قالوا: هم الشهداء.
وكل هذه لها أوجه من النظر والأدلة، عند ذلك خرج إليهم رسول الله ﷺ وهم يتناظرون ويتساءلون، وهذا دليل واضح على مشروعية المناظرة في مسائل العلم، وطلب المعاني التي يذكرها رسول الله ﷺ بألفاظه أو يذكرها الله جل وعلا، فخرج عليهم فأخبروه بما قالوا، وفيه أيضًا عرض المسائل التي يكون فيها خلاف على العالم والرجوع إليه في ذلك حتى يفصل في المسائل ويبين الحق فيتبع، فقال صلوات الله وسلامه عليه: (هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون)، ذكر أربع صفات لهم، وهي عامة: الأولى: أنهم لا يسترقون، يعني لا يطلبون من غيرهم الرقية إذا احتاجوا إليها من مرض أو غيره.
وهذا هو الشاهد الذي ساق سعيد بن جبير الحديث من أجله، ساقه ليستدل به على تلميذه الذي ارتقى لما لدغ، فقال: (هم الذين لا يسترقون).

17 / 5