شرح العقیده طحاویه
شرح العقيدة الطحاوية
پوهندوی
أحمد شاكر
خپرندوی
وزارة الشؤون الإسلامية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٨ هـ
د خپرونکي ځای
والأوقاف والدعوة والإرشاد
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
﴿اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ﴾ (١)، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ (٢).
فَهَذِهِ الْإِرَادَةُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي مِثْلِ قَوْلِ النَّاسِ لِمَنْ يَفْعَلُ الْقَبَائِحَ: هَذَا يَفْعَلُ مَا لَا يُرِيدُهُ اللَّهُ، أَيْ: لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ.
وَأَمَّا الْإِرَادَةُ الْكَوْنِيَّةُ فَهِيَ الْإِرَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِ الْمُسْلِمِينَ: مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
وَالْفَرْقُ ثَابِتٌ بَيْنَ إِرَادَةِ الْمُرِيدِ أَنْ يَفْعَلَ، وَبَيْنَ إِرَادَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَ. فَإِذَا أَرَادَ الْفَاعِلُ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا فَهَذِهِ الْإِرَادَةُ مُعَلَّقَةٌ بِفِعْلِهِ، وَإِذَا أَرَادَ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا فَهَذِهِ الْإِرَادَةُ لِفِعْلِ الْغَيْرِ. وَكِلَا النَّوْعَيْنِ مَعْقُولٌ لِلنَّاسِ، وَالْأَمْرُ يَسْتَلْزِمُ الْإِرَادَةَ الثَّانِيَةَ دُونَ الْأُولَى، فَاللَّهُ - تَعَالَى - إِذَا أَمَرَ الْعِبَادَ بِأَمْرٍ فَقَدْ يُرِيدُ إِعَانَةَ الْمَأْمُورِ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ وَقَدْ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُرِيدًا مِنْهُ فِعْلَهُ.
وَتَحْقِيقُ هَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ فَصْلَ النِّزَاعِ فِي أَمْرِ اللَّهِ - تَعَالَى -: هَلْ هُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِإِرَادَتِهِ أَمْ لَا؟ فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ الْخَلْقَ عَلَى أَلْسُنِ رُسُلِهِ بِمَا يَنْفَعُهُمْ وَنَهَاهُمْ عَمَّا يَضُرُّهُمْ، وَلَكِنَّ مِنْهُمْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ فِعْلَهُ، فَأَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَخْلُقَ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَيَجْعَلَهُ فَاعِلًا لَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَخْلُقَ فِعْلَهُ، فَجِهَةُ خَلْقِهِ سُبْحَانَهُ لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، غَيْرُ جِهَةِ أَمْرِهِ لِلْعَبْدِ عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ لِمَا هُوَ مَصْلَحَةٌ لِلْعَبْدِ أَوْ مَفْسَدَةٌ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ - إِذْ أَمَرَ فِرْعَوْنَ وَأَبَا لَهَبٍ وَغَيْرَهُمَا بِالْإِيمَانِ - كَانَ قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ وما َيُصْلِحُهُمْ إِذَا فَعَلُوهُ، وَلَا يَلْزَمُ إِذَا أَمَرَهُمْ أَنْ يُعِينَهُمْ، بَلْ قَدْ يَكُونُ فِي خَلْقِهِ لَهُمْ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَإِعَانَتِهِمْ عَلَيْهِ وَجْهُ
_________
(١) سورة الْمَائِدَةِ آية: ٦.
(٢) سورة الْأَحْزَابِ آية: ٣٣.
1 / 70