155

شرح العقیده طحاویه

شرح العقيدة الطحاوية

پوهندوی

أحمد شاكر

خپرندوی

وزارة الشؤون الإسلامية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٨ هـ

د خپرونکي ځای

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَهُوَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي سِيَاقِ التَّمَدُّحِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَدْحَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ، وَأَمَّا الْعَدَمُ الْمَحْضُ فَلَيْسَ بِكَمَالٍ فَلَا يُمْدَحُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُمْدَحُ الرَّبُّ تَعَالَى بِالنَّفْيِ إِذَا تَضَمَّنَ أَمْرًا وُجُودِيًّا، كَمَدْحِهِ بِنَفْيِ السِّنَةِ وَالنَّوْمِ، الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ الْقَيُّومِيَّةِ، وَنَفْيِ الْمَوْتِ الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ الْحَيَاةِ، وَنَفْيِ اللُّغُوبِ وَالْإِعْيَاءِ، الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ الْقُدْرَةِ، وَنَفْيِ الشَّرِيكِ وَالصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَالظَّهِيرِ، الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ رُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ وَقَهْرِهِ، [وَنَفْيِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ صَمَدِيَّتِهِ وَغِنَاهُ، وَنَفْيِ الشَّفَاعَةِ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ تَوَحُّدِهِ وَغِنَاهُ عَنْ خَلْقِهِ] (١)، وَنَفْيِ الظُّلْمِ، الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ عَدْلِهِ وَعِلْمِهِ وَغِنَاهُ، وَنَفْيِ النِّسْيَانِ وَعُزُوبِ شَيْءٍ عَنْ عِلْمِهِ، الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ عِلْمِهِ وَإِحَاطَتِهِ، وَنَفْيِ الْمِثْلِ، الْمُتَضَمِّنِ لِكَمَالِ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ. وَلِهَذَا لَمْ يَتَمَدَّحْ بِعَدَمٍ مَحْضٍ لَمْ يَتَضَمَّنْ أَمْرًا ثُبُوتِيًّا، فَإِنَّ الْمَعْدُومَ يُشَارِكُ الْمَوْصُوفَ فِي ذَلِكَ الْعَدَمِ، وَلَا يُوصَفُ الْكَامِلُ بِأَمْرٍ يَشْتَرِكُ هُوَ وَالْمَعْدُومُ فِيهِ، فَإِنَّ الْمَعْنَى: أَنَّهُ يُرَى وَلَا يُدْرَكُ وَلَا يُحَاطُ بِهِ، فَقَوْلُهُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ (٢)، يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ عَظَمَتِهِ، وَأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ لِكَمَالِ عَظَمَتِهِ لَا يُدْرَكُ بِحَيْثُ يُحَاطُ بِهِ، فَإِنَّ الْإِدْرَاكَ هُوَ الْإِحَاطَةُ بِالشَّيْءِ، وَهُوَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى الرُّؤْيَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ ﴿قَالَ كَلَّا﴾ (٣)، فَلَمْ يَنْفِ مُوسَى الرُّؤْيَةَ، وَإِنَّمَا نَفَى الْإِدْرَاكَ، فَالرُّؤْيَةُ وَالْإِدْرَاكُ كُلٌّ مِنْهُمَا يُوجَدُ مَعَ الْآخَرِ وَبِدُونِهِ، فَالرَّبُّ تَعَالَى يُرَى وَلَا يُدْرَكُ، كَمَا يُعْلَمُ وَلَا يُحَاطُ بِهِ عِلْمًا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الصَّحَابَةُ وَالْأَئِمَّةُ مِنَ الْآيَةِ، كَمَا ذُكِرَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ. بَلْ هَذِهِ الشَّمْسُ الْمَخْلُوقَةُ لَا يَتَمَكَنُّ رَائِيهَا مِنْ إِدْرَاكِهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ ﵃، الدَّالَّةُ عَلَى

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وأثبتناه من النسخ الأخرى. ن. (٢) سورة الْأَنْعَامِ آية ١٠٣. (٣) سورة الشُّعَرَاءِ الآيتان ٦١ - ٦٢.

1 / 158