128

شرح العقیده طحاویه

شرح العقيدة الطحاوية

ایډیټر

أحمد شاكر

خپرندوی

وزارة الشؤون الإسلامية

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

١٤١٨ هـ

د خپرونکي ځای

والأوقاف والدعوة والإرشاد

تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ (١)؟! فَبُهِتَ الْمُعْتَزِلِيُّ!
وَكَمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى تَكْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ تَعَالَى: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ (٢)، فَعَنْ جَابِرٍ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ، فَرَفَعُوا أَبْصَارَهُمْ، فَإِذَا الرَّبُّ ﷻ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ (٣)، فَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، مَا دَامُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، حَتَّى يَحْتَجِبَ عَنْهُمْ، وَتَبْقَى بَرَكَتُهُ وَنُورُهُ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ صِفَةِ الْكَلَامِ، وَإِثْبَاتُ الرُّؤْيَةِ، وَإِثْبَاتُ الْعُلُوِّ، وَكَيْفَ يَصِحُّ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الرَّبِّ كُلُّهُ مَعْنًى وَاحِدًا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ﴾ (٤)، فَأَهَانَهُمْ بِتَرْكِ تَكْلِيمِهِمْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ تَكْلِيمَ تَكْرِيمٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، إِذْ قَدْ أَخْبَرَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ فِي النَّارِ: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ (٥)، فَلَوْ كَانَ لَا يُكَلِّمُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، لَكَانُوا فِي ذَلِكَ هُمْ وَأَعْدَاؤُهُ سَوَاءً، وَلَمْ يَكُنْ فِي تَخْصِيصِ أَعْدَائِهِ بِأَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ فَائِدَةٌ أَصْلًا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: بَابُ كَلَامِ الرَّبِّ ﵎ مَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَسَاقَ فِيهِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ. فَأَفْضَلُ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ رُؤْيَةُ وَجْهِهِ ﵎، وَتَكْلِيمُهُ لَهُمْ. فَإِنْكَارُ ذَلِكَ إِنْكَارٌ لِرُوحِ الْجَنَّةِ. وَأَعْلَى نَعِيمِهَا وَأَفْضَلِهِ الَّذِي مَا طَابَتْ لِأَهْلِهَا إِلَّا بِهِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (٦)، وَالْقُرْآنُ

(١) سورة الْأَعْرَافِ آية ١٤٣.
(٢) سورة يس آية ٥٨.
(٣) سورة يس آية ٥٨.
(٤) سورة آلِ عِمْرَانَ آية ٧٧
(٥) سورة الْمُؤْمِنُونَ آية ١٠٨.
(٦) سورة الرَّعْدِ آية ١٦.

1 / 131