106

شرح العقیده طحاویه

شرح العقيدة الطحاوية

ایډیټر

أحمد شاكر

خپرندوی

وزارة الشؤون الإسلامية

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

١٤١٨ هـ

د خپرونکي ځای

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَالطَّرِيقَةُ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ، تَقْرِيرُ نُبُوَّةِ الْأَنْبِيَاءِ بِالْمُعْجِزَاتِ، لَكِنْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ لَا يَعْرِفُ نُبُوَّةَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا بِالْمُعْجِزَاتِ، وَقَدْ رُوُيَ (١) ذَلِكَ بِطُرُقٍ مُضْطَرِبَةٍ، وَالْتَزَمَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِنْكَارَ خَرْقِ الْعَادَاتِ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ، حَتَّى أَنْكَرُوا كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَالسِّحْرِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُعْجِزَاتِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ، لَكِنَّ الدَّلِيلَ غَيْرُ مَحْصُورٍ فِي الْمُعْجِزَاتِ، فَإِنَّ النُّبُوَّةَ إِنَّمَا يَدَّعِيهَا أَصْدَقُ الصَّادِقِينَ أَوْ أَكْذَبُ الْكَاذِبِينَ، وَلَا يَلْتَبِسُ هَذَا بِهَذَا إِلَّا عَلَى أَجْهَلِ الْجَاهِلِينَ. بَلْ قَرَائِنُ أَحْوَالِهِمَا تُعْرِبُ عَنْهُمَا، وَتُعَرِّفُ بِهِمَا (٢)، وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ فِيمَا دُونَ دَعْوَى النُّبُوَّةِ، فَكَيْفَ بِدَعْوَى النُّبُوَّةِ؟ وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ حَسَّانُ ﵁:
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ آيَاتٌ مُبَيِّنَةٌ ... كَانَتْ بَدِيهَتُهُ تَأْتِيكَ بِالْخَبَرِ
وَمَا مِنْ أَحَدٍ ادَّعَى النُّبُوَّةَ مِنَ الْكَذَّابِينَ إِلَّا وَقَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ وَالْكَذِبِ وَالْفُجُورِ وَاسْتِحْوَاذِ الشَّيَاطِينِ عَلَيْهِ - مَا ظَهَرَ لِمَنْ لَهُ أَدْنَى تَمْيِيزٍ. فَإِنَّ الرَّسُولَ لَا بُدَّ أَنْ يُخْبِرَ النَّاسَ بِأُمُورٍ وَيَأْمُرَهُمْ بِأُمُورٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ أُمُورًا [يُبَيِّنُ بِهَا صِدْقَهُ]. وَالْكَاذِبُ يَظْهَرُ (٣) فِي نَفْسِ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيُخْبِرُ عَنْهُ وَمَا يَفْعَلُهُ مَا يَبِينُ بِهِ كَذِبُهُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. وَالصَّادِقُ ضِدُّهُ. بَلْ كُلُّ شَخْصَيْنِ ادَّعَيَا أَمْرًا: أَحَدُهُمَا صَادِقٌ وَالْآخَرُ كَاذِبٌ - لَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ صِدْقُ هَذَا وَكَذِبُ هَذَا وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ، إِذِ الصِّدْقُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْبِرِّ، وَالْكَذِبُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْفُجُورِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ

(١) هَكَذَا وَرَدَ فِي الْأَصْلِ، وفي النسخ الأخرى: وقرروا. ن.
(٢) في المطبوعة: «بل قرائن أحوالها تعرب عنهما، وتعرب بها» وسياق الكلام يدل على أن الصواب ما أثبتنا.
(٣) في المطبوعة «ينظر»: ولا معنى لها هنا.

1 / 109