============================================================
(بصيو)، يبصر دبيب النملة السوداء في حنادس(1) الديجور(2)، ويرى في الليلة الظلماء تقلبات الهوام وهي تمور.
وصف نفسه بالسمع والبصر فقال: ليس كمثله شين وهو السميع الصير [الشورى: 11]، وهو مما علم بالضرورة من دين محمد - عليه الصلاة والسلام - لأن القرآن والحديث مملوء به بحيث لا يمكن إنكازه ولا تأويله.
وأيضا لما كانا صفتي كمال، وضدهما صفة نقص، وجب اتصافه ما وهو في حقنا: إدراك المبصرات حال حدوثها 7/227]. وفي حقه تعالى: صفة تنكشت بها المبصرات.
والله يسمع ويبصر من غير آلق، ويتعالى عن الاتصاف بالحواس والحدق والأصمخة، كما يغلم المعلومات من غير نظر واستدلا، ويقير على الممكنات من غير جارحة وأداة: وليست نفس العلم؛ لأتا إذا علمنا شيئا علما تاما جليا ثم أبصرناه فإنا نجد بالبديهة بين الحالتين فرقا، ونعلم بالضرورة أن الحالة الثانية تشتمل على أمر زائد، مع حصول العلم فيهما، فذلك الزائد هو الإبصار، وكذلك بالنسبة إليه تعالى.
(مندة عن جميع جهات النقص)؛ لأنه مناف للألوهية؛ لاتصافه بجميع صفات الكمال(3). وما يذكر عقيبه تفصيل له، ولهذا لم يعطف عليه بالواو.
(1) حنادس، جمع حندس- بالكسر-: الليل المظلم. (القاموس).
(2) الديجور: الظلام، والأغبر الضارب إلى السواد، والمظلم. (القاموس).
(3) استدل أهل السنة الأشاعرة على تنزيه الله تعالى بالبراهين العقلية، ومنها قول الشريف زكريا الإدريسي: لو كان الله تعالى ناقصا لكان جائزا، وهو محال. وتقرير ذلك أن نقول: كل ناقص محتاج، وكل محتاج جائز، فيلزم تطرق الجواز إليه، وهو محال.
ومعنى قولنا: "كل محتاج جائز"؛ يعني: أن كل محتاج حاجته جائزة، وكل جائز يصح زواله فهو ممكن، فيلزم منه أن يكون المحتاخ جائزا؛ ضرورة قيام الجائز به، وأما أن كل ناقص محتاخ فظاهر، فإن كل ناقص محتاج إلى من يزيل النقص عنه؛، إذ
مخ ۴۷