============================================================
قال أهل التحقيق في هذا المقام: لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين الأمرين. فهذا هو الحق، وتحقيقه أن الله تعالى يوجد القدرة والإرادة في العبد ويجعلهما بحيث لهما مدخل في الفعل، لا بأن يكون للقدرة والإرادة لذاتهما مدخل، بل لكونهما بحيث لهما مدخل بخلق الله إياهما على هذا الوجه، ثم يقع الفعل بهما، فإن جميع المخلوقات بخلق الله، بعضها بلا واسطة وبعضها بواسطة وأسباب، لا بأن تكون الوسائط والأشباب لذاتها اقتضت أن يكون لهما مذخل في وجود المسببات، بل بأن خلقها الله تعالى بحيث لهما مدخل، فتكون الأفعال الاختيارية منسوبة إلى العبد مخلوقة لله تعالى، [14/ب] ومقدورة للعبد بقدرة خلقها الله في العبد وجعلها بحيث لها مدخل في الفعل.
ويدل عليه النصوص القرآنية؛ كقوله تعالى: والله خلقكز وما تعملون [الصافات: 96] على أن لاما" مصدرية ليلا يحتاج إلى حذف الضمير؛ اي عملكم بمعنى المخدث، فإن فعلهم إذا كان بخلق الله فيهم كان مفعولهم المتوقف على فغلهم أولى بذلك. أو بمعنى: معمولكم، ليطابق ما تنحتون [الصافات: 95]. أو على أن لما" موصولة؛ أي: ما تعملونه، فإن جوهر الأصنام بخلقه وشكلها وإن كان بفعلهم فباقداره إياهم عليه وخلقه ما يتوقفف عليه فعلهم من الدواعي والعدد، ويشمل(1) الأفعال؛ لأنا إذا قلنا: أفعال العباد مخلوقة لله تعالى أو للعبد لم يرد بالفعل المعنى المصدري الذي هو الإيجاد والإيقاع؛ لأن المعنى المصدري أمر اعتباري، والكلام في مخلوقية ما له وجود حقيقي، بل الحاصل بالمصدر الذي هو متعلق الإيجاد والإيقاع؛ اعني: ما يشاهد من الحركات والسكنات مثلا، أو نقول: إن المنتسبين أعني: الفاعل والمفعول - إذا كانا مخلوقين كانت النسبة الحاصلة بينهما الناشئة عنهما - أعني: التأثير الذي هو الإيجاد والإيقاع - مخلوقة بالضرورة، أو نقول: إن التأثير والأثر بالذات واحد، وبالاعتبار اثنان؛ لأنه من حيث حصوله من الفاعل يسمى تأثيرا، ومن حيث حصوله في المفعول أثرا. أو (1) في الهامش: معطوف على قوله: على أن "ما" موصولة.
ثاي اترخ العقائد العضدية/9201119626012312011/1/24
مخ ۳۵