============================================================
ودليل آخر على حدوث العالم: أنه لو كان موجودا في الأزل لكان إما متحركا أو ساكنا، وعلى كلا التقديرين يلزم أن يكون حادثا لما بينا.
والدليل على أن العالم صار موجودا بقدرة الله تعالى بعد ما لم يكن موجودا [10/ب] أته حادث، وكل حادث لا بد له من محدث يتقدمه في الوجود الزماني ضرورة.
وأيضا، كل حادث فهو مختص بوقت يجوز في العقل تقدير تقدمه وتأخره، واختصاضه بوقت دون ما قبله أو ما بعده يفتقر- بالضرورة - إلى المخصص وأيضا، ذلك من ضروريات العقل؛ فإن من دخل بيتأ مزينا بأنواع التزيينات جزم عقله ضرورة بأن له بانيا ومزينا، فكيف لا يدل ترتيب طبقات السماوات وتزيينها بالكواكب المشرقات وتمهيد بسط فسيح الأرض وتوتيدها بالجبال الراسيات على آنه بقدرة قادر مختار حكيم أوجده على مقتضى مشيئته؟!
وشواهذ القرآن تغني عن إقامة البرهان، فإن من تأمل بأدنى فكره مضمون الآيات الدالة على ضنعه، وأدار نظره على عجائب خلق السماوات والأرض، علم أن هذا الأمر العجيب والترتيب المحكم الغريب لا يستغني عن صانع يدبره وفاعل يحكمه ويقدره، وهذه دلائل قواطع تدل على بطلان قول الحكماء: (ق) اجمع الأئمة (على أنه)؛ أي: العالم (قابل يلفناء)؛ لأن ماهيته من حيث هي قابلة للعدم؛ لما ثبت أنه حادث والعدم قبل الوجود كالعدم بعد الوجود.
إثبات استحالة حوادث لا أول لها كثيرة، منها أن نقول: إذا كان كل فرد من أفراد الحوادث حادثا في نفسه، فعدم جميعها ثابث في الأزل. ثم لا يخلو إما أن يقارن ذلك العدم فرد من الأفراد الحادثة أو لا، فإن قارنه لزم اجتماع وجود الشيء مع عدمه وهو محال بضرورة العقل، وإن لم يقارن ذلك العدم شيء من تلك الأفراد الحادثة لزم أن لها أولا لخلو الأزل - على هذا الفرض - عن جميعها. (انظر مثلا: شرح العقيدة الكبرى ص38).
ثاي افرخ العقايد العضديةا94-11/96312011/1/24:
مخ ۲۸