شرح الزرقاني على موطأ الامام مالک

Muhammad ibn Abdul-Baqi Al-Zurqani d. 1122 AH
79

شرح الزرقاني على موطأ الامام مالک

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

پوهندوی

طه عبد الرءوف سعد

خپرندوی

مكتبة الثقافة الدينية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م

د خپرونکي ځای

القاهرة

عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْهُ أَيْ مِنْ جَسَدِهِ، أَيْ هَلْ لَاقَتْ مَكَانًا طَاهِرًا مِنْهُ أَوْ نَجِسًا أَوْ بَثْرَةً أَوْ جُرْحًا أَوْ أَثَرَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ بَعْدَ بَلَلِ الْمَاءِ أَوِ الْيَدِ بِنَحْوِ عَرَقٍ، وَمُقْتَضَاهُ إِلْحَاقُ مَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَلَوْ مُسْتَيْقِظًا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ دَرَى أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ كَمَنْ لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً مَثَلًا فَاسْتَيْقَظَ وَهِيَ عَلَى حَالِهَا لَا كَرَاهَةَ وَإِنْ سُنَّ غَسْلُهَا كَالْمُسْتَيْقِظِ، وَمَنْ قَالَ الْأَمْرُ لِلتَّعَبُّدِ كَمَالِكٍ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ شَاكٍّ وَمُتَيَقِّنٍ، وَحَمَلَهُ أَحْمَدُ عَلَى الْوُجُوبِ فِي نَوْمِ اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ، وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ اسْتِحْبَابُهُ فِي نَوْمِ النَّهَارِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ غَمَسَ يَدَهُ لَمْ يَضُرَّ الْمَاءَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ: يُنَجَّسُ، لِأَمْرِهِ بِإِرَاقَتِهِ بِلَفْظِ: " «فَإِنْ غَمَسَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَلْيُرِقْ ذَلِكَ الْمَاءَ» " لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَقَالَ: هَذِهِ زِيَادَةٌ مُنْكَرَةٌ لَا تُحْفَظُ، وَالْقَرِينَةُ الصَّارِفَةُ لِلْأَمْرِ عَنِ الْوُجُوبِ التَّعْلِيلُ بِأَمْرٍ يَقْتَضِي الشَّكَّ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي وُجُوبًا اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ، وَاحْتَجَّ أَبُو عَوَانَةَ بِوُضُوئِهِ ﷺ مِنَ الشَّنِّ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنَ اللَّيْلِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: أَحَدُكُمْ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِغَيْرِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ صَحَّ عَنْهُ غَسْلُ يَدَيْهِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ فِي حَدِيثِ الْيَقَظَةِ فَبَعْدَ النَّوْمِ أَوْلَى وَيَكُونُ تَرْكُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِمَا: فَلْيَغْسِلْهُمَا ثَلَاثًا. وَفِي رِوَايَةٍ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَدَدِ فِي غَيْرِ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى السُّنِّيَّةِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: " «فَلَا يَضَعُ يَدَهُ فِي الْوَضُوءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا» " وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ فَإِنْ تَرَكَ كُرِهَ، وَهَذَا لِمَنْ قَامَ مِنَ النَّوْمِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ، وَهَذَا حُجَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، أَمَّا الْمُسْتَيْقِظُ فَيَطْلُبُ بِالْفِعْلِ وَلَا يُكْرَهُ التَّرْكُ لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ عَنْهُ، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْبَاعِثَ عَلَى الْأَمْرِ بِذَلِكَ احْتِمَالُ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الشَّارِعَ إِذَا ذَكَرَ حُكْمًا وَعَقَّبَهُ بِعِلَّةٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِأَجْلِهَا، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ الَّذِي سَقَطَ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا بَعْدَ نَهْيِهِمْ عَنْ تَطْييِبِهِ، فَنَبَّهَ عَلَى عِلَّةِ النَّهْيِ وَهِيَ كَوْنُهُ مُحْرِمًا، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَكْمَلِ الدِّينِ: إِذَا ذَكَرَ الشَّارِعُ حُكْمًا وَعَقَّبَهُ أَمْرًا مُصَدَّرًا بِالْفَاءِ كَانَ ذَلِكَ إِيمَاءً إِلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ لِأَجْلِهِ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ: " «الْهِرَّةُ لَيْسَتْ نَجِسَةً فَإِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» ". وَعُمُومُ قَوْلِهِ مِنْ نَوْمِهِ يَشْمَلُ النَّهَارَ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَخَصَّهُ أَحْمَدُ بِنَوْمِ اللَّيْلِ لِقَوْلِهِ: بَاتَتْ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْبَيَاتِ بِاللَّيْلِ، وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ وَجْهٍ: " «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ» " وَلِأَبِي عَوَانَةَ: " «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ» حِينَ يُصْبِحُ " لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي إِلْحَاقَ نَوْمِ النَّهَارِ بِنَوْمِ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا خَصَّهُ لِلْغَلَبَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْكَرَاهَةُ فِي الْغَمْسِ لِمَنْ نَامَ لَيْلًا أَشَدُّ لِمَنْ نَامَ نَهَارًا لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ فِي نَوْمِ اللَّيْلِ أَقْرَبُ لِطُولِهِ عَادَةً. وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ جَابِرٍ: " «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَلَا عَلَى مَا وَضَعَهَا» " وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ

1 / 129