شرح الزرقاني على موطأ الامام مالک

Muhammad ibn Abdul-Baqi Al-Zurqani d. 1122 AH
60

شرح الزرقاني على موطأ الامام مالک

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

پوهندوی

طه عبد الرءوف سعد

خپرندوی

مكتبة الثقافة الدينية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م

د خپرونکي ځای

القاهرة

(«فَقَالَتْ: يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا») رَبُّهَا تَعَالَى (بِنَفَسَيْنِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ تَثْنِيَةُ نَفَسٍ وَهُوَ مَا يَدْخُلُ فِي الْجَوْفِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ مِنَ الْهَوَاءِ، فَشَبَّهَ الْخَارِجَ مِنْ حَرَارَتِهَا وَبَرْدِهَا إِلَى الدُّنْيَا بِالنَّفَسِ الْخَارِجِ مِنْ جَوْفِ الْحَيَوَانِ، وَقِيلَ: شَكْوَاهَا مَجَازٌ بِلِسَانِ الْحَالِ، أَوْ تَكَلَّمَ خَازِنُهَا أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لِكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَجْهٌ وَنَظَائِرُ، وَالْأَرْجَحُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، أَنْطَقَهَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ، وَقَالَ عِيَاضٌ: إِنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ الْحَيَاةِ بِجُزْءٍ مِنْهَا حَتَّى تَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْلُقَ لَهَا كَلَامًا يَسْمَعُهُ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا إِحَالَةَ فِي حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَإِذَا أَخْبَرَ الصَّادِقُ بِأَمْرٍ جَائِزٍ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى تَأْوِيلِهِ فَحَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْلَى. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّوَابُ الْحَقِيقَةُ، وَجَعَلَ اللَّهُ فِيهَا إِدْرَاكًا وَتَمْيِيزًا بِحَيْثُ تَكَلَّمَتْ، وَقَالَ بِهَذَا نَحْوِهِ التُّورِبِشْتِيُّ، وَرَجَّحَ الْبَيْضَاوِيُّ الْمَجَازَ فَقَالَ: شَكْوَاهَا مَجَازٌ عَنْ غَلَيَانِهَا، وَأَكْلُ بَعْضِهَا بَعْضًا مَجَازٌ عَنِ ازْدِحَامِ أَجْزَائِهَا، وَتَنَفُّسُهَا مَجَازٌ عَنْ خُرُوجِ مَا يَبْرُزُ مِنْهَا. وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: الْمُخْتَارُ الْحَقِيقَةُ لِصَلَاحِيَةِ الْقُدْرَةِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ اسْتِعَارَةَ الْكَلَامِ لِلْحَالِ وَإِنْ عُهِدَتْ وَسُمِعَتْ لَكِنَّ الشَّكْوَى وَتَفْسِيرَهَا وَالتَّعْلِيلَ لَهُ وَالْإِذْنَ وَالْقَبُولَ وَالنَّفَسَ وَقَصْرَهُ عَلَى اثْنَيْنِ فَقَطْ بَعِيدٌ مِنَ الْمَجَازِ خَارِجٌ عَمَّا أُلِفَ مِنِ اسْتِعْمَالِهِ. (فِي كُلِّ عَامٍ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ) هُمَا بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِ أَوِ الْبَيَانِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ أَحَدُهُمَا وَالنُّصْبُ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي.
وَحَدَّثَنَا مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَذَكَرَ أَنَّ النَّارَ اشْتَكَتْ إِلَى رَبِّهَا فَأَذِنَ لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ» ــ ٢٨ - ٢٨ - (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ) بِتَحْتِيَّةٍ وَزَايٍ الْمَخْزُومِيِّ الْمَدَنِيِّ الْمَقْبُرِيِّ الْأَعْوَرِ، ثِقَةٌ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. (مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ) بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيِّ الْمَخْزُومِيِّ ابْنِ أَخِي أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ زَوْجِ أُمِّ سَلَمَةَ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ: فِي صُحْبَتِهِ نَظَرٌ، وَأَشَارَ فِي الْإِصَابَةِ إِلَى تَرْجِيحِ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ. (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) إِسْمَاعِيلَ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ أَوِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ (ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيِّ. (وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ) بِلَفْظِ تَثْنِيَةِ ثَوْبٍ الْعَامِرِيِّ عَامِرِ قُرَيْشٍ الْمَدَنِيِّ، ثِقَةٌ مِنْ أَوَاسِطِ التَّابِعِينَ. (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا») بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ

1 / 110