شرح الزرقاني على موطأ الامام مالک
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
پوهندوی
طه عبد الرءوف سعد
خپرندوی
مكتبة الثقافة الدينية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م
د خپرونکي ځای
القاهرة
وَصَلَّى النَّبِيُّ بِالنَّاسِ طَوَّلَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَصَّرَ فِي الثَّالِثَةِ، ثُمَّ سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ وَسَلَّمَ النَّبِيُّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ لَمَّا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ صِيحَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَاجْتَمَعُوا فَصَلَّى جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ وَصَلَّى النَّبِيُّ لِلنَّاسِ، فَقَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ فَطَوَّلَ فِيهِمَا وَقَصَّرَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ وَسَلَّمَ النَّبِيُّ عَلَى النَّاسِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ صِيحَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَصَلَّى جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ وَصَلَّى النَّبِيُّ لِلنَّاسِ فَقَرَأَ فِيهِمَا فَجَهَرَ وَطَوَّلَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ، وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ وَسَلَّمَ النَّبِيُّ عَلَى النَّاسِ» " قَالَ الْحَافِظُ: وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيَانَ الْأَوْقَاتِ إِنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَهَا بِبَيَانِ جِبْرِيلَ وَبَعْدَهَا بِبَيَانِ النَّبِيِّ ﷺ.
قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَهُوَ صَرِيحُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ عِنْدَ بَابِ الْبَيْتِ: فَصَلَّى) جِبْرِيلُ الظُّهْرَ (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَهُ (ثُمَّ صَلَّى) الْعَصْرَ (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَهُ (ثُمَّ صَلَّى) الْمَغْرِبَ (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَهُ (ثُمَّ صَلَّى) الْعِشَاءَ (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَهُ (ثُمَّ صَلَّى) الصُّبْحَ (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَهُ.
هَكَذَا ذَكَرَهُ خَمْسَ مَرَّاتٍ.
قَالَ عِيَاضٌ: وَهَذَا إِذَا اتُّبِعَ فِيهِ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ أَعْطَى أَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَتْ بَعْدَ فَرَاغِ صَلَاةِ جِبْرِيلَ، لَكِنْ مَفْهُومُ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْمَنْصُوصُ فِي غَيْرِهِ أَنَّ جِبْرِيلَ أَمَّ النَّبِيَّ ﷺ، فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: " صَلَّى " " فَصَلَّى " عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ كُلَّمَا فَعَلَ جُزْءًا مِنَ الصَّلَاةِ فَعَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَهُ حَتَّى تَكَامَلَتْ صَلَاتُهُمَا انْتَهَى. وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: الْفَاءُ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يَتَقَدَّمُ فِي بَعْضِ الْأَرْكَانِ عَلَى جِبْرِيلَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ مُطْلَقُ الْجَمْعِ، وَأُجِيبَ بِمُرَاعَاةِ الْحَيْثِيَّةِ وَهِيَ التَّبْيِينُ فَكَانَ لِأَجْلِ ذَلِكَ يَتَرَاخَى عَنْهُ. وَقِيلَ: الْفَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ كَقَوْلِهِ: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾ [القصص: ١٥] (سُورَةُ الْقَصَصِ: الْآيَةُ ١٥) .
وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: " «نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ» ".
وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ: " «نَزَلَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَصَلَّى النَّاسُ مَعَهُ» " وَهَذَا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَإِنَّمَا دَعَاهُمْ بِقَوْلِهِ: " «الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ» " لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يَكُنْ شُرِعَ حِينَئِذٍ.
(ثُمَّ قَالَ) جِبْرِيلُ: (بِهَذَا أُمِرْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ أَيْ: هَذَا الَّذِي أُمِرْتَ بِهِ أَنْ تُصَلِّيَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
وَرُوِيَ بِالضَّمِّ؛ أَيْ: هَذَا الَّذِي أُمِرْتُ بِتَبْلِيغِهِ لَكَ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: نَزَلَ جِبْرِيلُ مَأْمُورًا مُكَلَّفًا بِتَعْلِيمِ النَّبِيِّ لَا بِأَصْلِ الصَّلَاةِ، وَاحْتَجَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى جَوَازِ الِائْتِمَامِ بِمَنْ يَأْتَمُّ بِغَيْرِهِ.
وَأَجَابَ الْحَافِظُ بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُبَلِّغًا فَقَطْ كَمَا قِيلَ فِي
1 / 72