شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية
شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۷ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
الجنة عقوبة له؛ لأنه أهبطه بعد أن تاب عليه وقبل توبته، وإنما أهبطه تأديبًا أو تغليظًا للمحنة، والصحيح في إهباطه وسكناه في الأرض ما قد ظهر من الحكمة الأزلية في ذلك وهي نشر نسله فيها ليكلفهم ويمتحنهم، ويترتب على ذلك ثوابهم وعقابهم الأخروي إذ الجنة والنار ليستا داري تكليف، فكانت تلك الأكلة سبب إهباطه ولله فعل ما شاء، وقد قال: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠]، وقال أرباب المعاني، في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة﴾ [البقرة: ٣٥، الأعراف: ١٩]، إشعار بالوقوع في الخطيئة والخروج من الجنة، وأن سكناه لا تدوم؛ لأن المخلد لا يحظر عليه شيء ولا يؤمر ولا ينهى، والدليل عليه: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠]، انتهى. وفي الأحوذي: خروج منها سبب لوجود الذرية وهذا النسل العظيم، ووجود الأنبياء والمرسلين والصالحين ولم يخرج منها طردًا بل لقضاء أوطاره ثم يعود إليها، انتهى. ولما تاب الله على آدم بين له بالوحي والإلهام ما اطمأنت به نفسه، وذهب به روعه، حتى كأنه قال له: "يا آدم إن كنت أهبطت من دار القرب" فلا تحزن "فإني قريب مجيب" فقربي لك في الجنة، كهو في الأرض "أجيب دعوة الداعي، إن كان حصل لك من الإخراج كسر" وهو الواقع "فأنا عند المنكسرة قلوبهم" اسم فاعل من انكسر مطاوع كسر من باب ضرب، ووصف القلب به تجوزا كأنه شبه ضعفه وذلته بتفرق أجزاء شيء منكسر، "من أجلي" وليس هذا بحديث قدسي، فغاية ما في المقاصد حديث أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي، جرى في البداية للغزالي. "وإن كان فاتك في السماء زجل" بفتح الزاي والجيم ولام: أصوات "المسبحين، فقد تعوضت في الأرض أنين المذنبين" ولا تقل فرق بينهما فـ"أنين المذنبين أحب إلينا من تسبيحهم" أي: المسبحين، وإذا أحب إلينا فأنت تحب ما نحب، "زجل المسبحين" من حيث هم لا مسبحي السماء، "ربما يشوبه الافتخار" فيفسده "وأنين المذنبين يزينه الانكسار" فبواسطته فاق الثلاثة ثم رشح هذا الوارد الصوفي المساق عن الحق ﷻ على طريق الصوفية، بقوله ﷺ فيما رواه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: "والذي نفسي بيده " لو لم
1 / 111