وَلَيَكُونَنْ﴾ ١ "وَمِنْ نُونِ إِنَاثٍ كَيَرُعْنَ" من قولك: "النسوة يرعن" أي: يخفن "مَنْ فُتنْ" فإن لم يعر منهما لم يعرب؛ لمعارضة شبه الاسم بما هو من خصائص الأفعال، فرجع إلى أصله من البناء، فيبنى مع الأولى على الفتح لتركيبه معها تركيب خمسة عشر، ومع الثانية على السكون حملا على الماضي المتصل بها، لأنهما مستويان في أصالة السكون وعروض الحركة، كما قاله في شرح الكافية، والاحتراز بـ"المباشر" عن غير المباشر، وهو الذي فصل بين الفعل وبينه فاصل: ملفوظ به كألف الاثنين، أو مقدر كواو الجماعة وياء المخاطبة، نحو: "هل تضربان يا زيدان"، و"هل تضربن يا زيدون"، و"هل تضربن يا هند"، الأصل: تضربانن، وتضربونن، وتضربينن، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، ولم تحذف نون التوكيد لفوات المقصود منها بحذفها، ثم حذفت الواو والياء لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة والكسرة دليلا على المحذوف، ولم تحذف الألف لئلا يلتبس بفعل الواحد، وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه مستوفى، فهذا ونحوه معرب، والضابط أن ما كان رفعه بالضمة إذا أكد بالنون بني لتركبه معها، وما كان رفعه بالنون إذا أكد بالنون لم يبن لعدم تركبه معها، لأن العرب لم تركب ثلاثة أشياء.
تنبيه: ما ذكرناه من التفرقة بين المباشرة وغيرها هو المشهور والمنصور، وذهب الأخفش وطائفة إلى البناء مطلقا، وطائفة إلى الإعراب مطلقا، وأما نون الإناث فقال في شرح التسهيل: أن المتصل بها مبني بلا خلاف، وليس كما قال، فقد ذهب قوم -منهم ابن درستويه، وابن طلحة، والسهيلي- إلى أنه معرب بإعراب مقدر منع من ظهوره ما عرض فيه من الشبه بالماضي.
"بناء الحروف وسبب بنائها":
٢١- وكل حرف مستحق للبنا ... والأصل في المبني أن يسكنا
٢٢- ومنه ذو فتح وذو كسر وضم ... كـ"أين" "أمس" "حيث" والساكن "كم"
"وَكُلُّ حَرفٍ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَا" الذي به الإجماع، إذ ليس فيه مقتضى الإعراب، لأنه لا يعتوره من المعاني ما يحتاج إلى الإعراب "وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنَيِّ" اسما كان أو فعلا أو حرفا "أَنْ يُسَكَّنَا" أي: السكون، لخفته وثقل الحركة، والمبني ثقيل، فلو حرك اجتمع ثقيلان "وَمِنْهُ" أي: من المبني ما حرك لعارض اقتضى تحريكه، والمحرك "ذُو فَتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَ" ذو
_________
١ يوسف: ٣٢.
1 / 46