Sharh Bulugh al-Maram - Abdul Karim al-Khudair
شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير
ژانرونه
فهذا فيه درس لمن يزاول ويمتهن دعوة الناس إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون الرفق ديدنه؛ لأن الرفق ما صار في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، بخلاف العنف، العنف لا يأتي بشيء لا يأتي بالفائدة، بل العكس يأتي بآثار سلبية وردود أفعال، والرفق مطلوب في كل حال وفي كل ظرف، لما أعطى النبي ﵊ علي الراية ووجهه إلى خيبر قال له: «انفذ على رسلك» وهذا في الحرب التي تطيش فيها العقول «انفذ على رسلك» يعني لا تستعجل العجلة ما تأتي بشيء، فالرفق هو المطلوب في جميع الحالات، نعم إذا كان هناك أمر يفوت، حريق يخشى زيادة انتشاره فالمبادرة مطلوبة، جاء الأمر بالسعي إلى صلاة الجمعة ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [(٩) سورة الجمعة] مبادرة، ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ﴾ [(١٣٣) سورة آل عمران] ﴿سَابِقُوا﴾ [(٢١) سورة الحديد] المقصود مثل هذه الأمور تنبغي المبادرة إليها بالرفق؛ لأن المبادرة والمسارعة لا تعني العجلة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم بالسكينة، فامشوا وعليكم بالسكينة والوقار» والله المستعان، نعم.
الحديث الذي يليه:
"وعن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالجراد والحوت، وأما الدمان فالطحال والكبد» أخرجه أحمد وابن ماجه، وفيه ضعف".
نعم حديث ابن عمر ﵄ المرفوع المصرح برفعه إلى النبي ﵊ كما هنا قال: قال رسول الله ﷺ، لا شك أن فيه ضعف، المصرح برفعه فيه ضعف، كما أشار الحافظ -رحمه الله تعالى-، لكن الموقوف على ابن عمر من قوله صحيح، وهو وإن كان لفظه موقوفًا على ابن عمر فإن له حكم الرفع؛ لأن قول الصحابي أبيح لنا، أو أحل لنا، أو حرم علينا له حكم الرفع؛ لأن الذي يبيح والذي يحرم والذي يحلل هو الشرع، فالذي أحل لهم هاتين الميتتين وهذين الدمين هو من يملك التحليل والتحريم، وهو الله ﷾ على لسان نبيه ﵊، فله حكم الرفع.
3 / 5