141

Sharh Bulugh al-Maram - Abdul Karim al-Khudair

شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير

ژانرونه

"عن عائشة ﵂ قالت: "كان النبي ﷺ يعجبه التيمن" وكون الشيء يعجبه ﵊ لا يدل على وجوبه ولزومه لغيره، نعم إذا كان هوى الإنسان تبعًا لما جاء به النبي ﵊ ويحرص على الاقتداء به فيما يعجبه، ويحرص على ما كان يحبه فعلًا وتركًا، هذا ديدن الصحابة، فما يعجب النبي ﵊ يعجبهم، وما لا يعجبه لا يعجبهم، أنس كان يتتبع الدباء من الصحفة، ويذكر أن النبي ﵊ كان يعجبه الدباء وهو القرع، كما هو معروف، وعلى هذا لو قال إنسان: أنا لا آكل الضب؛ لأن النبي ﵊ لا يأكله، أو لم يأكله، فهل يؤجر على هذا الترك أو لا يؤجر؟ هو مباح، وأُكل بحضرته، وأقر من أكله، لكن كون الإنسان يعاف الشيء جبلة، تعافه نفسه، مثل هذا لا يتعبد به، حتى لو أمره من تجب طاعته بأكل شيء لا يطيق أكله فإنما الطاعة بالمعروف.
افترضنا شخص يحب أكل الضب ثم تركه؛ لأن النبي ﵊ لم يأكله، نقول: النبي ﵊ أكل على مائدته، وأقر الآكل بيانًا للجواز، فأكله جائز مباح مستوي الطرفين، إذا كان الإنسان يحرص على الدباء -القرع- لأن النبي ﵊ كان يحب القرع، فعله أنس وكان يتتبع ذلك إيثارًا لما يحبه النبي ﵊، لكن الاقتداء والائتساء هو في العبادة دون العادة، فما كان من قبيل العادة لا اقتداء فيه ولا ائتساء، ولذا لم يوافق الصحابة قاطبة ابن عمر في حرصه على تتبع آثار النبي ﵊، حتى ذكر ابن عبد البر ﵀ عن ابن عمر أنه كان يكفكف دابته لكي تطأ على مواطئ دابة النبي ﵊، كان يقصد الأماكن التي جلس فيها النبي ﵊ أو بات فيها يتعبد في ذلك، وعامة الصحابة سواه لم يفعلوا ذلك، فدل على أن الأمور العادية التي تحصل اتفاقًا من غير قصد فإنه لا يتعبد فيها، ولا تطلب من الشخص.

6 / 9