Sharh Bab Tawhid Al-Uloohiyah min Fatawa Ibn Taymiyyah
شرح باب توحيد الألوهية من فتاوى ابن تيمية
ژانرونه
أركان العبادة من الخوف والرجاء والمحبة لا تكون إلا لله وحده
قال رحمه الله تعالى: [من يستحق إن يؤلهه العباد، ويدخل فيه حبه وخوفه، فما كان من توابع الألوهية فهو حق محض لله، وما كان من أمور الرسالة فهو حق الرسول].
يشير الشيخ ﵀ هنا إلى أركان العبادة، ولم يذكر الاسم الثالث، وإنما قال: والإله من يستحق أن يألهه العباد، أي: يعظّمونه ويقدّسونه ويتوجهون إليه بالعبادة وبالرجاء والخوف والخشية، ثم قال: (ويدخل في ذلك -أي: في التألّه الذي هو العبادة- حبه وخوفه)، وكان ينبغي أن يقول أيضًا: ورجاؤه، لكن يحتمل أن الشيخ قد ضمّن الحب معنى الرجاء وهو الغالب، ثم قال: فما كان من توابع الألوهية فهو حق محض لله، أي: ما كان من أنواع العبادة كلها، بما في ذلك تحقيق توحيد الربوبية فهو حق محض لله، ولذا نجد أن كثيرًا من أنواع العبادة فيها التلازم بين التوحيدين، فمثلًا: طلب الرزق أو طلب العون من الله ﷿ أيًا كان نوع العون داخلًا في الربوبية؛ لأنه داخل من طلب أفعال الله، فالله ﷿ هو الرازق وهو المعين، وهذه أفعاله سبحانه، فهو توجه إلى الله ﷿ من جانب الربوبية، وأيضًا من جانب توحيد الألوهية، ولذلك لا تنفك أنواع التوحيد بعضها عن بعض، ومن ظن أن هناك نوعًا من التوحيد يتجرد محضًا عن النوع الآخر فقد غلط؛ لأن أنواع توحيد الربوبية لا بد أن ترجع إلى الإلهية، وكذلك الإلهية تستلزم توحيد الربوبية.
وأما قوله: وما كان من أمور الرسالة فهو حق للرسول ﷺ، فيقصد بذلك طاعة الرسول ﷺ واتباعه وتصديقه وتوقيره وحبه والصلاة عليه ﷺ والدعوة إلى دينه، وكل ذلك حق للرسول ﷺ، لكنها أيضًا عبادة لله سبحانه؛ لأن الله تعبدنا بذلك، ويجب ألا ينفك الأمران؛ لأن الذين خلطوا في هذه المسألة إما أنهم عظّموا وقدسوا الرسول ﷺ بأكثر مما ينبغي له، بل وأعطوه من خصائص الألوهية التي لا تنبغي إلا لله ﷿، أو كذلك العكس، بأن جفوا في حق الرسول ﷺ وجعلوا عباداتهم في طاعة الله فقط، وزعموا أنهم يستغنون عن اتباع الرسول ﷺ كغلاة الفلاسفة وغلاة الصوفية، ولذا فلا بد أن يعرف المسلم أن من تحقيق عبادة الله تعالى وطاعته طاعة رسوله ﷺ، وأنها لا تتحقق العبادة الحقة لله سبحانه إلا بطاعة رسوله ﷺ وتصديقه واتباعه وتوقيره وتعظيمه وحبه والصلاة عليه ﷺ والدعوة إلى دينه وغير ذلك من اللوازم الضرورية التي لا تتم العبادة إلا بها.
7 / 9