187

كما قيل ويظهر من صاحب القاموس ان النظر المتعدى بنفسه يجئ بمعنى الرؤية أيضا وجعله من باب الحذف والإيصال خلاف الأصل وانه جاء بمعنى الحكم ويستعمل بكلمة بين فقال نظره كضربه وسمعه واليه نظرا ومنظرا ونظرانا ومنظرة وتنظارا تأمله بعينه كتنظره والأرض أرت العين نباتها ولهم أعانهم وبينهم حكم انتهى واعترض على هذا الدليل أيضا بان النظر لا يدل على الرؤية فان النظر تقليب الحدقة نحو المرئي بل ادعى بعضهم ان النظر المستعمل بالى موضوع لذلك ولتحققه بدونها يقال نظرت إلى الهلال فما رايته ولو كان بمعنى الرؤية لكان تناقضا ولم أزل انظر إلى الهلال حتى رايته ولو حمل على الرؤية لكان الشئ غاية لنفسه أقول يمكن جعله من باب الاكتفاء بالمراد عن الإرادة كقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وهذا باب واسع كما في المغنى وغيره فمعنى قولهم نظرت إلى الهلال فما رايته أردت رؤية الهلال فما رايته وهكذا في الأخر بل في كل موضع يقال إنه لتقليب الحدقة فالنظر محمول على معناه الحقيقي وهو الرؤية المرادة بتلك الإرادة بل إذا نظرت المعاني المستعمل فيها النظر وجدت روح جلها لو لم يكن كلها الرؤية وأجيب أيضا بان معنى قولهم نظرت إلى الهلال فما رايته ونحوه نظرت إلى مطلع الهلال واعترض أيضا على هذا الدليل بانا لا نسلم ان لفظة إلى صلة للنظر بل واحدة الآلاء ومفعول به للنظر بمعنى الانتظار أي نعمة ربها منتظرة ولو سلم فالنظر الموصول بالى قد جاء للانتظار قال الشاعر وشعث ينظرون إلى هلال كما نظر الظما حب الغمام والجواب إما عن الثاني فبمثل ما ذكر عن حديث التقليب وكون النظر المستعمل بالى بمعنى الانتظار مما لم يثبت عند البلغاء واما عن الأول فبان انتظار النعمة غم بل قيل الانتظار موت احمر والآية مسوقة لبيان النعم وهذا الجواب زيف بان الآية دالة على أن الحالة التي عبر عنها بقوله سبحانه وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة سابقة على حالة استقرار أهل الجنة في الجنة واهل النار في النار بقرينة المقابلة لقوله تعالى وجوه يومئذ باسره تظن ان يفعل بها فأقوة أي تظن ان يفعل بها فعل هو في شدته وفطاعته داهية فاقره تقصم فقار الظهر ولم يفعل بها بعد وح كان انتظار النعمة بعد البشارة بها سرورا يستتبع نضارة الوجه كما أن انتظار اكرام الملك لا يكون موجبا للغم إذا تيقن وصوله إليه بل الحق في الجواب ان كون إلى في الآية بمعنى النعمة لا يخفى بعده وغرابته واخلاله بالفهم

مخ ۱۸۷