وروى عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أن قال: يدخل هذا الحديث في سبعين بابًا من الفقه، وقال جماعة من العلماء: هذا الحديث ثلث الإسلام١.
واستحب العلماء أن تستفتح المصنفات بهذا الحديث، وممن ابتدأ به في أول كتابه: الإمام أبو عبد الله البخاري. وقال عبد الرحمن ابن مهدي: ينبغي لكل من صنف كتابًا أن يبتدئ فيه بهذا الحديث تنبيهًا للطالب على تصحيح النية.
وهذا حديث مشهور بالنسبة إلى آخره غريب بالنسبة إلى أوله لأنه لم يروه عن النبي ﷺ إلا عمر بن الخطاب ﵁ ولم يروه عن عمر إلا علقمة بن أبي وقاص ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي ولم يروه عن محمد بن إبراهيم إلا يحيى بن سعيد الأنصاري ثم اشتهر بعد ذلك فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة.
ولفظة: "إنما" للحصر: تثبت المذكور وتنفي ما عداه وهي تارة تقتضي الحصر المطلق وتارة تقتضي حصرًا مخصوصًا ويفهم ذلك بالقرائن كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ﴾ ٢. فظاهره الحصر في النذارة والرسول لا ينحصر في ذلك بل له أوصاف كثيرة جميلة: كالبشارة وغيرها وكذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ ٣.
_________
١ قال أبو داود: نظرت في الحديث المسند، فإذا هو أربعة آلاف حديث ثم نظرت فإذا مدار أربعة آلاف حديث على أربعة أحاديث: حديث النعمان بن بشير: "الحلال بيّنٌ والحرام بيّنٌ" وحديث عمر هذا، وحديث أبي هريرة: "إنّ الله طيّب" وحديث أبي هريرة أيضًا: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، قال: فكل حديث من هذه الأربعة ربع العلم.
٢ سورة الرعد: الآية ٧.
٣ سورة محمد: الآية ٣٦.
1 / 25