د شرح اربعین نووي
شرح الأربعين النووية [من بداية شرح الحديث 29 إلى نهاية شرح الحديث 35]
ژانرونه
(١) وضّح هذا ابن جماعة في التبيين في شرح الأربعين النوويّة (ص ١٨٨) فقال: (الظاهر أنّه بالنسبة إلى آثار الإيمان ومقتضاه، لا إلى حقيقته ومعناه؛ إذ سبق في حديث جبريل أنَّ الإيمان هو التصديق بالله ... فوجب التأويل لما ذكرنا جمعًا بن الحديثين)، ويشير الشارح ﵀ إلى ما تقرَّر عند الأشاعرة من إخراج الأعمال الصالحة عن مسمَّى الإيمان، فقد سمَّى العمل (ثمرةً)؛ لأنَّ الشجرة تكتمل بدون الثمرة، وهذه المسألة من أعظم المسائل التي حصل فيها الاختلاف بين أهل السنة وبين المرجئة، ولأجل إخراج المرجئة (العمل) عن الإيمان سُمُّوا مرجئةً؛ لأنَّهم أرجؤوا -أي: أخَّروا العمل عن الإيمان- قال شيخ الإسلام ابن تيمية:) الأعمال الظاهرة من موجبِ إيمان القلب ومقتضاه، وهي تصديقٌ لما في القلب، ودليلٌ عليه، وشاهد له، وهي شعبة من مجموع الإيمان المطلق، وبعضٌ له؛ لكن ما في القلب هو الأصل لما على الجوارح ... ولهذا ظنَّ طوائف من الناس: أنَّ الإيمان إنَّما هو في القلب خاصة، وما على الجوارح ليس داخلًا في مسمَّاه، ولكن هو من ثمراته ونتائجه الدالَّة عليه). مجموع الفتاوى (٧/ ٦٤٤) .. (٢) تعريف الإيمان بالتصديق اشتهر في كتب أهل العلم؛ بل حكى الأزهريّ اتفاق أهل اللغة على أنَّ: (معنى قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ أيْ: مُصَدِّقٍ لنا)، انظر: تهذيب اللغة (١٥/ ٣٦٩) لكن ناقشَ شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في كون الإيمان في الّلغة بمعنى الإقرار لا التصديق؛ لأنَّ لفظة (أقرَّ) أصدق في الدلالة على معنى الإيمان من غيرها من الألفاظ، وذكر أسبابًا لذلك منها: أنَّ لفظة (آمن) تختلف عن لفظة (صدَّق) من جهة التعدي، حيث إنَّ آمن لا تتعدَّى إلا بحرفٍ إما الباء أو اللام، وثانيًا: ليس بينهما ترادفٌ في المعنى، فإنَّ الإيمان يستخدم في الأمور التي يؤتمن فيها المخبر مثل الأمور الغيبية، لأنه مشتقّ من الأمن، أما الأمور المشاهدة فلا يقال فيها: آمن، بل يقال: صدَّق. انظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٢٩٠ - ٢٩٣) و(٧/ ٥٢٩ - ٥٣٤).
1 / 185