استظهره البيضاويّ حيث قال (١): «صلاةُ الرجل» مبتدأ خبره محذوفٌ، أي: صلاته في جوف الليل كذلك، أي: تطفئ الخطيئة، أو هي مِن أبواب الخير، قال: والأول أظهر؛ لاستشهاده ﵇ بالآية الآتية، وهي متضمّنةٌ للصلاة والإنفاق. قال الطيبيُّ: (ويعضده تقييدُ القرينتين السابقتين-أعني الصدقةَ والصومَ- بفائدتين زائدتين: وهي الجُنّة وإطفاءُ الخطيئة؛ لأنّ الظاهرَ أن يقال: أبوابُ الخير: الصوم والصدقة لا غيرُ (٢)، وصلاة الرجل في جوف الليل، فلمَّا قيدتا بهما يجب أن يقيَّد هذا بما يناسب، كما قدّره القاضي (٣)، قال (٤): والأظهر أن يقدّرَ الخير (٥): (شعارُ الصَّالحين)، كما في جامع الأصول (٦) (٧). _________ (١) تحفة الأبرار (١/ ٦٨). (٢) استخدم الشارح ﵀ لفظ (لا غيرُ) مع أن ابن هشامٍ صرّح في مغني اللبيب (ص ٢٠٩) بأنَّه لحن، كذا قال هذا مع استعماله لها ﵀ في نفس كتابه المغني (ص ٤٩٧)! وقد بالغ في الإنكار على مرتكبه في شرح شذور الذهب (١٣٨) مع استعماله ﵀ لها في موضعين من الشرح نفسِه، وقال الفيروزآبادى: (وقيل قولهم: (لا غيرُ) لحنٌ، وهو غير جيّدٍ؛ لأنَّه مسموعٌ في قول الشاعر: جوابًا به تنجو اعتمد فوربّنا ... لعنْ عملٍ أسلفت لا غيرُ تسأل وقد احتج به ابن مالك في باب القسم من شرح التسهيل). القاموس (٤٢٢). وانظر: شرح التسهيل (٣/ ٢٠٩)، والتصريح على التوضيح (١/ ٧١٨)، وتاج العروس (١٣/ ٢٨٤). (٣) تحفة الأبرار (١/ ٦٨). (٤) أي: الطيبي، وقد نسب ملّا علي القاري في مرقاة المفاتيح (١/ ١٠٥) وصاحب تحفة الأحوذي (٧/ ٣٠٤) -نقلًا عن القاري- الكلامَ إلى القاضي البيضاوي، ولعلّ السبب أن الطّيبي حكى كلام القاضي الأول، ثم عقّب عليه بما استظهره هو، فظُنّ أن الكلام كلّه للقاضي، رحم الله الجميع. (٥) كذا في الأصل: (الخير) بالياء المثناة التحتانية، وفي ب: (أن يقيَّد شعار الصالحين). (٦) جامع الأصول (٩/ ٥٣٤) وجعل ابن الأثير لفظ: «وصلاة الرجل في جوف الليل شعارُ الصالحين» من حديثِ معاذٍ، ونسبه للترمذيّ، لكن هذا اللفظ ليس في نسخ الترمذي التي وقفت عليها، ولم أقف له على تخريجٍ، ولعلَّ هذا هو سرُّ نسبة الطِّيبيِّ الحديثَ إلى (جامع الأصول)، لا إلى (جامع الترمذيّ)، والله أعلم. (٧) قال السيوطيّ في قوت المغتذي (٢/ ٦٣٩): (وعندي أن يعرب (الصومُ) خبرَ مبتدأ محذوفٍ أي: هي الصوم، أو مبتدأ خبره محذوف، أي: منها الصوم، والصدقة، وصلاة الرجل كلاهما عطف عليه).