============================================================
شرح الأنفاس الروحانية عالم التوحيد، وإلى عالم الفتاء، وفناء الفناء، وما فوقها إلا نادر منهم، ويقيمون ثمة لا محالة لكثرة ما فيها من الأيادى المبهجة، والألطاف المؤانسة فيقف عنده لأجلها، ولأن المقام هنا أسهل من الارتقاء إلى ما فوقها.
وقال أيضبا : "المقامات كلها حجاب أو مكر للقريب، وللبعيد حجاب" انما قال ذلك لأن القريب ربما يستطيب للمقام فيقم عنده وينقطع من الارتقاء فكان مكرا له، وللبعيد حجاب لأنه حائل بينه وبين المقصود، والسالك لا يصل إلى المقصود ما لم يجاوز المنازل، والمقامات.
وقال الجنيد قدس الله سره: "المكر أن يضاف إلى شيء والشيء غير موجود" يعني أن من أنواع المكر أن يصرف السالك إلى شيء بأن يلقى في وهمه أنه المقصود، وذلك الشييء لا يكون مقصودا كمن يزف إليه غير معشوقه.
وقال أيضا : "المكر طالب شيء يسكن بغيره" يعني كطالب جوهر يرضى بزجاجة معنى ذلك أن الممكور طالب الحق فيرضى بغير الحق وهو المكر: وقال النوري: "المكر يضاف إلى الخير ومراده الشر" يعني بالمكر هنا اضافة المريد إلى الخير وصرفه إليه ثم مراده بذلك أن يتوقف المريد على هذا الخير ويقيم عنده وهذا شر للمريد وإن كان خيرا في نفسه، لأنه ينقطع بذلك عن الترقي إلى أعلى الخيرين، ومقصوده الأعلى قوق هذا { وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرلكم} "البقرة آية: 216".
قوله: "ومراده الشر" يعني مراد الماكر بإعطاء ذلك الخير منعه عن الأعلى هذا وجه، والأحسن أن يقال: أراد به أن مراد الماكر حقيقة لكنه في معنى الشر بالاضافة إلى الممكور إذلو غلط ووقف عنده انقطع، وإن ارتقى وصعد إلى فوقه
مخ ۱۷۵