Sharh al-Wiqayah
شرح الوقاية
ایډیټر
صلاح محمد أبو الحاج
خپرندوی
دار الوراق
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۲۶ ه.ق
د خپرونکي ځای
عمان
ژانرونه
حنفي فقه
ولا بماءٍ استعملَ لقربةٍ أو لرفعِ حدث
وإن كانت غير مرئيَّة يُتَوَضَّأُ من جميعِ الجوانب، وكذا من موضعِ غُسالتِه.
قال محيي السُنَّة (^١) ﵁: التَّقدير بعشرٍ في عشرٍ لا يرجعُ إلى أصلٍ شرعيِّ يُعْتَمَدُ عليه.
أقول: أصلُ المسألةِ أنَّ الغديرَ العظيمَ الذي لا يتحرَّكُ أحدُ طرفيهِ بتحريكِ الطَّرفِ الآخرِ إذا وقعتْ النَّجاسةُ في أحدِ جوانبهِ جازَ الوضوءُ في الجانبِ الآخر، ثمَّ قُدِّرَ هذا بعشرٍ في عشر، وإنَّما قُدِّرَ بهِ بناءً على قولهِ ﷺ: «مَنْ حَفَرَ بِئْرًَا فَلَهُ حَوْلُهَا أَرْبَعُون ذِرَاعًا» (^٢)، فيكونُ له حريمُها من كلِّ جانبٍ عشرة، ففهمَ من هذا أنَّهُ إذا أرادَ آخرٌ أن يحفرَ في حريمِها بئرًا يُمْنَعُ منه؛ لأنَّهُ ينجذبُ الماءُ إليها، وينقصُ الماءُ في البئرِ الأُولَى، وإن أرادَ أن يحفرَ بئرَ بَالُوعةٍ (^٣) يُمْنَعُ أيضًا؛ لسرايةِ النَّجاسةِ إلى البئرِ الأُولَى، وتنجيس مائها، ولا يُمْنَعُ منها (^٤) فيما وراءَ الحريم، وهو عشرٌ في عشر، فعُلِمَ أنَّ الشَّرعَ اعتبرَ العشرةَ في العشرةِ في عدمِ سرايةِ النَّجاسة، حتى لو كانتْ النَّجاسةُ تسري، يحكمُ بالمنع، ثمَّ المتأخِّرونَ وسَّعُوا الأمرَ على النَّاس، وجوَّزوا الوضوءَ في جميعِ جوانبه.
(ولا بماءٍ استعملَ لقربةٍ أو لرفعِ حدث)، اعلمْ أنَّ في الماءِ المستعملِ اختلافات:
الأوَّل: في أنَّهُ بأيِّ شيءٍ يصيرُ مستعملًا، فعند أبي حنيفةَ وأبي يوسفَ ﵃ بإزالةِ الحدث (^٥)، وأيضًا بنيَّةِ القربة، فإذا توضَّأ المحدثُ وضوءً غيرَ منويٍّ يصيرُ مستعملًا،
(^١) وهو حسين بن مسعود الفرَّاء البَغَوِيّ الشَّافِعِيّ، أبو محمد، محيي السُّنَّة، قال الأسنوي: وكان دينًا ورعًا قانعًا باليسير، يأكل الخبز وحده، فَعُذِل في ذلك، وصار يأكله بالزيت، وكان لا يلقي درسه إلا على طهارة، من مؤلفاته: «معالم التنْزيل في علم التفسير»، و«مشكاة المصابيح»، و«شرح السنة»، (ت ٥١٦ هـ). ينظر: «وفيات» (٢: ١٣٦). «طبقات الأسنوي» (١: ١٠١). «الكشف» (٢: ١٧٢٦).
(^٢) من حديث أبي هريرة وعبد الله بن مغفل ﵃ في «سنن ابن ماجه» (٢: ٨٣١)، و«مسند أحمد» (٢: ٤٩٤»، و«سنن الدارقطني» (٤: ٢٢٠)، و«التحقيق في أحاديث الخلاف» (٢: ٢٢٥)، وقد استوفى طرقه الزيلعي في «نصب الراية» (٤: ٢٩١ - ٢٩٢)، ورد كلام الدارقطني بأن الصحيح أنه مرسل.
(^٣) البَالُوعة: بئر تحفر ويضيق رأسُها يجري فيها المطر، وهي لغة أهل البصرة. ينظر: «اللسان» (١: ٣٤٥). قال اللكنوي في «عمدة الرعاية» (١: ٨٨): يعني إذا أراد آخر أن يحفر حفرة لألقاء النجاسات ونحوها وسيلان الميزاب في حريم البئر الأولى لا يسعه ذلك.
(^٤) زيادة من م.
(^٥) أي النجاسة غير الحقيقية، وأما المستعمل لإزالة النجاسات الحقيقية كماء الاستنجاء وغسالة الثياب النجسة، فهو نجس اتفاقًا ما لم يعط للمغسول حكم الطهارة، وبعد ذلك هو طاهر وطهور اتفاقًا. ينظر: «عمدة الرعاية» (١: ٨٨).
2 / 48