Sharh al-Wasiyya al-Kubra by Ibn Taymiyyah - Al-Rajhi

Abdul Aziz bin Abdullah Al Rajhi d. Unknown
110

Sharh al-Wasiyya al-Kubra by Ibn Taymiyyah - Al-Rajhi

شرح الوصية الكبرى لابن تيمية - الراجحي

ژانرونه

الإمساك عما شجر بين علي ومعاوية مع اعتقاد أن كون الحق والصواب مع علي قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ونعلم مع ذلك أن عليًا بن أبي طالب ﵁ كان أفضل وأقرب إلى الحق من معاوية وممن قاتله معه، لما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري ﵁، عن النبي ﷺ أنه قال: (تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق)، وفي هذا الحديث دليل على أن مع كل طائفة حق، وأن عليًا ﵁ أقرب إلى الحق] يقول المؤلف ﵀: بأن الخلاف والنزاع الذي حصل بين أهل العراق وهم علي ﵁ ومن معه، وبين أهل الشام وهم معاوية ومن معه، بأن الحروب التي حصلت بينهم كانت عن اجتهاد منهم فيها، فهم مجتهدون فمنهم المصيب له أجران ومنهم المخطئ له أجر، ونعلم أن عليًا ﵁ أفضل من معاوية وأقرب إلى الحق منه وممن قاتله معه، والدليل على أنه أقرب إلى الحق: قول النبي ﷺ في حديث أبي سعيد: (تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين)، فقوله: تمرق بمعنى: تخرج عن الدين، وهم الخوارج، قال: (تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق)، وكان علي هو من قتلهم فصار أقرب إلى الحق من معاوية. يقول المؤلف: (وفي هذا الحديث دليل على أن مع كل طائفة حق وأن عليًا ﵁ أقرب إلى الحق). والحديث فيه دليل على أن معاوية معه حق وكذلك علي ﵄، لكن الأقرب إلى الحق هو علي ﵁، ومما يدل على ذلك أيضًا: أن النبي ﷺ قال لـ عمار: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية)، فقتله جيش معاوية، فدل على أن معاوية ومن معه بغاة، لكن لا يعلمون أنهم بغاة، وذلك أن عليًا بن أبي طالب ﵁ بويع بالخلافة من قبل أهل الحل والعقد، فامتنع معاوية وأهل الشام من البيعة، فتكلم بعضهم مع معاوية وقال بأنه يجب عليكم أن تبايعوا، وقد ثبتت البيعة لـ علي فلماذا لا تبايعون؟ فامتنع معاوية وأهل الشام، وقالوا: لا نبايع أحدًا مع أننا نعتقد أنك أولى بالخلافة منا، لكن يجب عليك تسليم قتلة عثمان الذين قتلوه حتى نقتلهم، لأن معاوية أقرب الناس إليه، ونخشى أن يزيد طغيانهم وشرهم، فقال علي ﵁: أنا أوافقكم على ذلك، لكني لا أستطيع أن أسلمكم قتلته الآن، فلا أعرف من الذي قتل عثمان؛ لأنه مندس لا يعرف، وحتى لو عُرف فإن قبيلته تنتصر له فالأمر شديد جدًا، فإذا استتب الأمر فإننا نأخذ قتلة عثمان ونقتلهم، فقال أهل الشام: بل أعطونا قتلة عثمان الآن، ومن هنا حصل الخلاف، وهذه أسبابه. فلما رأى علي ﵁ أنهم لم يبايعوه أراد أن يخضعهم بالقوة ولابد من قتالهم، فانضم إلى علي أكثر الصحابة معتقدين أنه على الحق وأن أهل الشام بغاة يجب إخضاعهم؛ عملًا بقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الحجرات:٩]، فانضم جماهير الصحابة إلى علي بن أبي طالب ﵁ بهذه الآية، وقالوا: بأن أهل الشام بغاة، والله أمرنا أن نقاتل البغاة إذا لم يفيئوا إلى أمر الله، فلما لم يبايعوا قاتلهم علي ﵁، فدافعوا عن أنفسهم وهذا سبب الخلاف. ولم ير علي ﵁ أن معاوية وأهل الشام من المؤلفة قلوبهم، فلم يستقر الإسلام في قلوبهم بعد -والمؤلفة قلوبهم: هم الذين دخلوا الإسلام من قريب- وكان معاوية بن أبي سفيان ممن دخل في الإسلام من قديم، فليسوا من المؤلفة قلوبهم، فلم يبق إلا القتال فقاتلوهم، وهذا هو الصواب. فكان الصواب مع علي ﵁، وكان أهل الشام ومعاوية متأولين، فقالوا: نحن لا نمانع ولا نطالب بالخلافة، وإنما نطالب بدم عثمان لأننا أولياؤه، فأعطونا القتلة ثم نبايع بعد ذلك. ويرى علي ﵁ أنه الخليفة الراشد الذي تمت له البيعة فيجب إخضاعهم له، وأما مطالبتهم بالدم فيكون بعد ذلك، فهذا هو بداية منشأ النزاع. وهذا معنى قول المؤلف ﵀: (ونعلم أن عليًا كان أفضل وأقرب إلى الحق).

10 / 5