Sharh Al-Waraqat fi Usul Al-Fiqh - Al-Daddu

Mohammad Hasan al-Dedew al-Shanqeeti d. Unknown
118

Sharh Al-Waraqat fi Usul Al-Fiqh - Al-Daddu

شرح الورقات في أصول الفقه - الددو

ژانرونه

باب الحظر والإباحة قال: [باب الحظر والإباحة] عقد هذا الباب لورود الحظر وهو التحريم بعد الإباحة الأصلية، أي: ما كان قبل ورود الشرع على أصل الإباحة والجواز، ويقصد بهذا ذكر الاستصحاب الذي هو حجة ودليل من الأدلة الخلافية عند الأصوليين. قال المصنف: [وَأَمَّا الْحَظْرُ وَالإِبَاحَةُ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الأَشْيَاءَ عَلَى الْحَظْرِ إِلاَّ مَا أَبَاحَتْهُ الشَّرِيعَةُ] . يقصد أن بعض الأصوليين يرى أن الأصل في الأشياء كلها المنع؛ لأنها مملوكة للغير، فهي من ملك الله ﷾، فما لم يأذن فيه منها فهو على أصل الحظر، وهذا القول ضعيف جدًا؛ لأن الله يقول: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة:٢٩]، فالأصل في حركات المكلف وسكناته وتصرفاته الإباحة، إلا ما دل الدليل على تحريمه؛ فلذلك قال: [فمن الناس من يقول: إن أصل الأشياء على الحظر إلا ما أباحته الشريعة فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الشَّرِيعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الإِبَاحَةِ يُتَمَسَّكُ بِالأَصْلِ، وَهُوَ الْحَظْرُ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ بِضِدِّهِ -وهذا مذهب الجمهور- وَهُوَ: أَنَّ الأَصْلَ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةِ إِلاَّ مَا إلا من حَظَرَهُ الشَّرْعُ] . ومنهم من قال بالتوقف بين الأمرين حتى يأتي الدليل، ولكن الراجح: الإباحة، فالأصل في الأعيان والأفعال المنتفع بها -قبل رورد الشرع- الإباحة، فالله تعالى يقول: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة:٢٩]، ويقول: ﴿وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ * وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ﴾ [الرحمن:١٠-١٢]، فدل هذا على إباحة كل ذلك. ولهذا نهى النبي ﷺ عن السؤال عن الأحكام حتى لا يُحرم الإنسان ما كان حلالًا، فقال: (إن من أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يُحرم، فحرم من أجل مسألته)، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [المائدة:١٠١] فجعل هذا من العفو، الذي هو المباح. فكل مسكوت عنه، فهو على أصل الإباحة، ومحل هذا في الأفعال والأعيان المنتفع بها، وأما ما لا نفع فيه، فإن تَمَحَّضَ ضَرَرُه كان على التحريم، ومنه الخبائث كلها، لقول الله تعالى: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) .

5 / 14