Sharh al-Tajrid al-Sarih li-Ahadith al-Jami' al-Sahih - Abdul Karim al-Khudair
شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - عبد الكريم الخضير
ژانرونه
وفيه إسناد الوحي إلى قول الملك، ولا معارضة بينه وبين قوله تعالى عن الوحيد: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ [(١١) سورة المدثر] ماذا قال؟ هذا تعبير يعبر به شيخ الإسلام كثيرًا إذا أراد أن يسوق هذه الآية قال: هي قول الوحيد، قال: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ [(٢٥) سورة المدثر] أقول: إسناد الوحي إلى قول الملك (أعي عنه ما قال) إسناده إلى الملك لا معارضة بينه وبين قوله تعالى: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ [(٢٥) سورة المدثر] لأن الكفار كانوا ينكرون الوحي وينكرون مجيء الملك به، وتارة -الوحي- ينسب إلى الملك وتارة إلى الرسول ﷺ، وكل ذلك بلفظ الرسول، ففي سورة الحاقة يقول الله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ [(٤٠) سورة الحاقة] ما قال لقول ملك كريم أو قول رجل كريم، ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ [(٤٠) سورة الحاقة] يعني محمد ﷺ، ونلاحظ التعبير برسول، وفي سورة التكوير قال: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾ [(١٩ - ٢٠) سورة التكوير] يعني جبريل ﵇، وأضافهما إليه بلفظ الرسالة على معنى التبليغ؛ لأن الرسول من شأنه أن يبلغ عن المرسل كما أفاده شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- والحافظ ابن كثير في تفسيره، في شرح الشيخ عبد الله الشرقاوي المسمى (فتح المبدي) قال: "وسماع الملك وغيره من الله تعالى ليس بحرفٍ ولا صوت، بل يخلق الله للسامع علمًا ضروريًا، فكما أن كلامه تعالى ليس من جنس كلام البشر فسماعه الذي يخلقه لعبده ليس من جنس سماع الأصوات" والصحيح أن الله ﷾ يتكلم بصوتٍ وحرفٍ يسمع، كما قرره علماء الإسلام، مع اعتقاد عدم المشابهة بين الخالق والمخلوق، بل كما يليق بجلاله ﷾ وعظمته، وفي عون الباري للصديق حسن خان يقول: "وفي الباب أحاديث تدل على أن العلم بكيفية الوحي سرٌ من الأسرار التي لا يدركها العقل، وفيه: دلالة على أن سماع الملك وغيره من الله تعالى يكون بحرفٍ وصوت يليق بشأنه سبحانه، وقد دلت الأحاديث
3 / 11